فوزُ ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام صفعةٌ سياسية لنظام مادورو الذي قايض حرية شعبه بتحالفات معادية للمغرب. إنها نوبل الحرية ضد نوبل النفاق الثوري

في لحظةٍ فارقة من تاريخ أميركا اللاتينية، منحت لجنة نوبل للسلام، اليوم الجمعة 10 أكتوبر، جائزتها لعام 2025 للناشطة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، الوجه الجسور للمعارضة الديمقراطية في بلدٍ أنهكه الاستبداد والفساد. فوزها لم يكن مجرد تكريمٍ رمزي لامرأة واجهت آلة القمع، بل إدانة صريحة لنظامٍ يضطهد شعبه في الداخل، ويُصدر خطابه العدائي إلى الخارج، وفي مقدمته عداؤه الثابت للمغرب ووحدته الترابية.

منذ عهد هوغو تشافيز، مرورًا بنيكولاس مادورو، تحوّلت فنزويلا إلى واحدة من أكثر الأنظمة عزلةً في القارة، بعدما استبدلت خطاب “التحرر” بممارسات قمعية وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان. نظامٌ يعيش على إرث الشعارات الثورية القديمة، ويبحث في كل اتجاه عن حلفاء يشبهونه في خصومته للديمقراطية وعدائه للمغرب، فوجد في الجزائر وميليشيات البوليساريو الانفصالية الإرهابية امتدادًا طبيعيًا لسياساته الخارجية المتهافتة، حتى بات الدفاع عن كيانٍ وهميٍّ في الصحراء وسيلةً للتغطية على عجزه الداخلي وانهياره الاقتصادي.

في المقابل، تجسد ماريا كورينا ماتشادو الوجه الآخر لفنزويلا: فنزويلا الحلم، وفنزويلا الحرية. امرأة اختارت أن تبقى داخل بلدها رغم الملاحقة والمنع، وأن تقود المعارضة بصلابة وشجاعة نادرتين. وبعد إقصائها من السباق الرئاسي سنة 2024، خاضت حملاتٍ ميدانية لدعم مرشح المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا، متحدية آلة القمع ومؤسسة انتخابية خاضعة للأوامر. اليوم، وهي تنال جائزة نوبل، تمنح بصوتها أملاً جديدًا للفنزويليين الذين أنهكتهم سنوات القهر، ورسالة أوسع لكل الشعوب التي تتطلع إلى الانعتاق من حكم الفرد.

إنّ تتويج ماريا كورينا هو تتويجٌ للحرية في وجه الديكتاتورية، وإشارة إلى أنّ العالم لم يعد يتسامح مع الأنظمة التي تتستر بشعارات “الثورة” لتبرير استبدادها. وهو أيضًا صفعةٌ رمزية لمادورو وحلفائه الذين يعادون المغرب في المحافل الدولية، دعمًا لأطروحةٍ انفصالية مرفوضة من قبل المجتمع الدولي.

فوز ماريا كورينا بجائزة نوبل لا يخص فنزويلا وحدها، بل يخص كل صوتٍ حرٍّ في هذا العالم يقف في وجه الأنظمة، التي تكره الديمقراطية وتخشى إرادة الشعوب، مثلما يقف في وجه النخب الانتهازية، التي تتستّر باليسارية والشعاراتية للتغطية على عقلياتها العتيقة البالية والهرِمة وأهدافها التكسبية الرخيصة. إنها لحظة للقول إن الشعوب قد تُرهَق، لكنها لا تُهزم، وإن الثوريين المزيفين قد ينطلي كذبهم وتضليلهم على الشعب بعض الوقت لكن مصيره الفضح والسقوط، وإنّ الحرية، كما هو الحال في قضية الصحراء المغربية، هي معركة عدالة وكرامة لا تقبل المساومة…

“Le12.ma”: أحمد عبد ربه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *