محمد سليكي

 

عن سن تجاوزت السبعين عاما، ترجّل الميلودي حمدوشي، “الشرطي الأديب”، الذي عرفه المغاربة أيضا بلقب “كولومبو الشرطة المغربية”، عن صهوة الحياة، مسلما الروح لباريها وهو على هدى من الله، صباح اليوم الجمعة داخل إحدى مصحات الدار البيضاء.

وودّع السي حمدوشي الدنيا، مخلّفا إرثا يشكّل مدعاة للافتخار، ليس فقط من أفراد عائلته الصغيرة أو الكبيرة، في مؤسسة الأمن الوطني، بل من المشهد الثقافي المغربي بإعتباره علَما من أعلام الرواية البوليسية في إفريقيا والعالم العربي وخبيرا جنائيا عزّ نظيره.

حمدوشي، الذي دخل سلك الشرطة في سبعينيات القرن الماضي، كشرطي عادي، سرعان ما لفت انتباه المسؤولين بحنكته المهنية، فتمت ترقيته إلى مفتش شرطة، إذ ذاع صيته في مدينة طنجة، التي أطلق عليه أهلها لقب “كولومبو” بالنظر إلى عملياته “البوليسية” الناجحة وتحرياته الأمنية المهنية.

واشتغل السي حمدوشي، وفق مصدر “le12.ma“، في العديد من المناطق الأمنية والكوميساريات الشهيرة، لعل أبرزها أمن الجديدة والقنيطرة وفاس والدار البيضاء.. وفي كل منصب أو مهمة كان يترك صدى طيبا، يتجاوز جدران البنايات الأمنية، لينفذ إلى عموم المجتمع ويصير حديث الرأي العامّ المغربي.

ورغم مسؤولياته ومهامه الجسيمة، ظل السي حمدوشي مرتبطا بالعلم والعلماء والكتب والجامعات، إذ حصل على شهادات عليا في الدراسات القانونية، وأغنى الخزانة المغربية بإصدارات أدبية وروائية كثيرة، إلى جانب مؤلفات قانونية، شملت الجانبين الجنائي والمدني.

بعد مسار مهنيّ مميز، سيترك السي حمدوشي سلك الشرطة فخورا بما قدّم من خدمات جليلة لجهاز الأمن، ليلتحق بسلك المحاماة، مسجلا في هيئة باريس، قبل أن يلتحق بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء أستاذا محاضرا ومشرفا على ماستر العلوم الجنائية.

وتتلمذت على يدي السي حمدوشي، وفق مصدرنا، مجموعة من الأسماء الأمنية البارزة، منها الدكتور مصطفى الموزوني، والي أمن الدار البيضاء سابقا وممثل المغرب بالشرطة الدولية “إنتربول” في ليون الفرنسية، وحميد بحري وعبد اللطيف الشامي وغيرهم من الأطر الأمنية المغربية الناجحة، إضافة إلى قضاة ومسؤولين كبار في مختلف الأجهزة الأمنية والقضائية.

واليوم، فُجعنا في وفاة المليودي حمدوشي، مؤلف روايات “الحوت الأعمى”، التي تحولت إلى شريط تلفزيوني، و“الحياة الخاصة” و”مخالب الموت” و”حلم جميل” و”ضحايا الفجر” و”أم طارق” و”بيت الجن” و”بلاغ كاذب”، وغيرها من الروايات البوليسية. لكنْ بالنظر إلى عطاءاته وإسهاماته العديدة والمتميزة سيبقى، وإن توقّف قلبه عن النبض، حيا في ذاكرة المغاربة، بأعماله الوافرة التي رسّخ بها اسمه ليس فقط كعميد استثنائي أهّله مساره المهني الناجح لأن يلقبه المغاربة بـ”كولومبو” الشرطة المغربية، بل أيضا كعميد للرواية البوليسية بدون منازع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *