بقلم: سعيد الريحاني

 

في كل يوم تُكتب ألف كلمة وكلمة، وفي كل يوم تصر على أداء مشهد مبتذل في مسرحيتك اليومية لإيهام المحيطين بك بأنك تعمل.. وأخطر من ذلك، فقد غررت بهم جميعا لينتظروا كلهم راتبك الشهري المزعوم، والمثقل بالقروض، لتلبية احتياجاتهم، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة والتوزيع العادل لثروة مزعومة، بينما هم ينفذون حرفيا نظرية الدكتاتور، التي تربط الحق في الغداء بممارسة الحكم.

مثلَ سائر الدكتاتوريات الوهمية، تتصور أن هناك جحافل من القراء ينتظرون نزول مقالاتك إلى السوق، والأدهى من ذلك أن تكون أنت أول المشترين للمنشور الذي قبل بنشر مقالك، فتقرأه مثل أي قارئ عادي، تتمعن في العنوان وتمتحن زاوية المعالجة وتنتقد الخلاصات التي وصل إليها صاحب المقال.. يا له من جنون.

في كل يوم تلتقي مجموعة من الأشخاص المسؤولين وغير المسؤولين وعددا غير قليل من التافهين والتجار والسماسرة والمستفيذين وباعة الجملة والتقسيط.. باعتبارهم مصادر مفترَضة للأخبار، فتقضي معظم الوقت وأنت تحاول النبش في ما التقطت ذاكرتك من فلتات وزلات وإشارات لما قد يكون خبرا، من أجل من سيكون قارئا، فتبذل جهذا فظيعا للتمييز بين ما ينشر وما لا ينشر، احتراما لنصوص القانون الجنائي، وليس احتراما لقانون الصحافة.

في كل يوم تضع مستقبلك، غير المبني على أسس علمية، لأنك تستهلك أكثر مما تنتج وتنتج أكثر مما تستهلك، على كف عفريت، وتغامر بنفسك لتنشر ما تزعم أنه فساد وتفضح ما تزعم أنه تلاعب في السياسة والمال وتتطوع لكتابة أخبار الحوادث وتطورات الساحة الدولية، وفي الأخير تصر على تفسير الخيبة التي تشعر بها وأنت لا ترى ثأثيرا لمقالاتك على الشارع، بوجود لوبيات تستكثر علينا وجود مجتمع قارئ.

الكل يعتبرونك صحافيا، رغم أنه لم يقرأ لك أي خبر، وأنت تعتبر الكل قراء مفترضين رغم أنك لا تراهم يقرؤون، ويا له من مشهد محزن ومفرح وأنت ترى مقالات قد وصلت عند بائع النعناع.. تفرح لأنك تظن أنك تقوم بشيء ملموس، ولكن تنكيل صاحب النعناع بجثة الجريدة يجعلك مقتنعا بتفاهة ما تعتبره مجتمعا، أيّ مجتمع هذا الذي يبيع الخضر في أوراق الجرائد؟! سؤال موجه للأطباء للتغطية على أزمة الصحافيين.

اكتب كما تشاء، اقرأ كما تشاء، فما تقوم به مجرد حرفة من ورق، مخصصة لمجتمع من ورق، تقوده حكومة على الورق بأرقام على ورق…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *