سعيد جعفر

حزب الاستقلال الذي يمثل الفئة المحافظة فيما نسميه “الحركة الوطنية” (هناك فرق حقيقي بين حركة التحرر الوطني التي كانت فعلا كتلة وطنية حقيقية للمقاومة ولتملك في الحد الأدنى لتصور الدولة الوطنية بعد الاستقلال وللحركة الوطنية التي شكلت تجمعا سياسيا فئويا لاقتسام الثروة والسلطة والاستفادة من عائداتهما) هو حزب براغماتي جدا لقدرته على تقديم ثلاثة أجوبة متناقضة لثلاث متلقين وجهات في نفس الوقت.

وعندما يطرح صندوق الزكاة قبيل مقترحات قوانين المالية وقبيل كل انتخابات تشريعية فهو يستهدف ثلاث جهات:

1- يفتح أفقا لتحرر أصحاب الرساميل الكبرى (هي عائلات محدودة عددا ونسبا) من واجب التضامن الوطني والذي لا يمكن ان يتحقق إلا عبر آليتين قانونيتين:

أ- عبر إحداث ضريبة تناسبية على الثروة وعلى الدخولات المرتفعة وتقييد مدد الإعفاء الضريبي لبعض القطاعات التقليدية والناشئة

ب- عبر ربط التدخل المالي للدولة في الأزمات بحجم الضرائب التي أداها الأغنياء في الأزمنة العادية.

2- الجهة الثانية التي تتوجه لها النواة السياسية الصلبة في حزب الاستقلال هي الناخبات والناخبين.

فهذه النواة تملك قاعدة معطيات صلبة حول مؤشرات عيش المغاربة وحول توجهات الرأي العام متأتية من طبيعة مؤسسات الحزب والمؤسسات التي شغلها أطره، وبالتالي يملك صورة واضحة عن طبيعة المخاطبين و ما يريدونه فعلا وما يحبون سماعه.

3- يتموقع حزب الاستقلال بشكل جيد ضمن خطاطة عقيدة الدولة ويعرف جيدا أن محاولات حلول حزب العدالة والتنمية في الضلع المحافظ للخطاطة باءت للفشل رغم المحاولات المتكررة لبنكيران وفريقه، ولهذا فهو مستمر في شغل هذا المكان طالما أنه ليست هناك مؤشرات كبيرة على التعديل في خطاطة العقيدة وبالتالي فهو يستمر في مرونته تبعا للمعطيات في الأرض،

 وهكذا بالقدر الذي ينادي بصندوق للزكاة قد ينادي بشعار من أين لك هذا؟ وقد يدافع عن تقنين زراعة القنب الهندي ورفع الضريبة على الخمور والسجائر.                                                                                    

 *محلل سياسي          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *