* ع. الرزاق بوتمزار

سنتوقف في هذه الورقة الأولى ضمن هذه النافذة، التي سنخصصها لملامسة بعض أهم القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، في محطتين، تهمّ أولاهما الخرجة غير الموفقة لـ”البوليسي” السابق اليوتوبر “الخراز”.

لقد تحدّث “الخراز”  في هذه الحلقة، التي خلقت جدلا واسعا في منصّات  التواصل الاجتماعي، عن قضية مرتبطة بالجالية المغربية، قبل أن يبدأ في “تخلاط لعرارم” ويسقط في المحظور.

فقد نعت نصف مغاربة العالم بأوصاف وتوصيفات قدْحية (جيعانينْ) ما جرّ عليه غضبا عارما من  أفراد الجالية اضطرّته إلى حذف الحلقة وبثّ أخرى “اعتذر” فيها حفاظا على.. عائدات “الأدسنس” على الأرجح، وليس على شيء آخر! 

ولعل ما لم يضعه الخراز في حسبانه وهو “يُفتي” في شؤون المغاربة، وهو أن هؤلاء “الجّيعانين” وحاشا لله -لسخرية الأقدار- كانوا أكبر سند لبلادهم منذ ظهور  جائحة كورونا (التي لم تجد خلالها الفئات الهشّة في المغرب “ما تاكْل” بالصحّ) بما يفوق 7 ملايير درهم من التحويلات، بزيادة 800 مليار عن 2019.

إييه أسي الخراز، بزيادة 800 مليار  في هذه السنة التي طبعها تفشّي الجائحة!.

وإذا كان هذا رد فعل أفراد الجالية المغربية تجاه وطنهم الأمّ في هذه الظرفية الاستثنائية، إذ “آثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” وزادوا حماسة وإصرارا على التضامن مع إخوانهم المغاربة في “البْليّدة” في الوقت الذي صار الشعار الغالب هو “راس يا راسي”، فمن يدري.. ربّما “جوّعوا” فعلا بطونهم و”زيّرو السّمطة”، ليس تقشّفا من أجل “تكديس” مزيد من المال في حساباتهم البنكية، بل لكي… يرسلوها إلى أهلهم وأحبّتهم وإخوانهم وأصدقائهم  في المغرب، الذين هم أدرى بـ”خرّوبه” منك.

ومن باب التذكير، ألفت انتباهك إلى بعض الحقائق المعروفة للجميع إلا لبعض من يفتون في ما لا يفقهون.. واش فخبارك، مثلا، ما دام تتهمّك الأمور المرتبطة بالبطن أكثر مما يرتبط منها بالعقل، باللي كيلو ديال  اللحم في إسبانيا (مثلا) هو 35 درهم، بينما تيوصلْ فالمغرب حْتى 65 درهم؟!.

أمّا بعيدا عن “لغة” البطن فالناس ديال الجالية فراهوم إلى “هْربو” من المغرب فما مشاوش لحقّاش بغاو ياكلو.. لا، مشاو فين كتتوفّر ليهوم العدالة الاجتماعية والعيش الكريم والتطبيب والتعليم الناجع والناجح وزيد وزيد حيث لا مظهر من مظاهر الحكرة كما جرى مع “عطار سباتة”، الذي نتناول قضيته في هذه الورقة.

باش تكون يوتوبر بالصحّ خاصّك تقيّس قبل ما تغيّس أسي الخراز.. إيوا ما باقيشّ تْفتي فاللي ما تْعرف!.

*********************************************

حكار سباتة

وحتى أبقى في سياق “العدالة الاجتماعية”، التي ذكرتُ أنها أحد من دوافع المغاربة إلى الهجرة، أعرّج على المحطة الثانية في هذه الورقة، وهي قضية “الحكرة” التي يمارسها قائد مقاطعة سباتة في الدار البيضاء في حق أحد التجار دون غيره ممّن يحتلون، مثله، المِلك العمومي، وإن كانت عينُ هذا القائد “الحْگار” لا ترصد إلا تاجرا واحدا وحيدا يحتلّ الملك العمومي كلّما ولج القيسارية حيث تم توثيق فصل من هذا الشطط في استعمال السلطة بالصوت والصورة.

فقد تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع وبتعليقات غاضبة، فيديو يظهر فيه هذا القائد وهو ينثر توابل “عطّار” فوق أرض قيسارية سباتة، في مشهد مؤسف أثار جدلا واسعا وأعاد مسألة التنزيل الأمثل لقرارات السّلطات المحلية، خصوصا في هذه الظرفية الاستثنائية التي تجتازها بلادنا، كما سائر بلدان العالم، في ظل تفشّي الفيروس التاجي، والتي تتطلب مرونة وسلاسة اكبر من رجال السلطة، الذي يُفترَض فيهم “يكبّرو عقلهوم” ويتفادوا ما أمكن “يحكّو عْلى الضّبرة” ويكرّسوا مفهوما جديدا للسلطة يتجاوز المقاربة الأمنية المتشددة “المتجاوَزة” في ممارسة سلطاتهم المؤطرة بروح القانون، الذي لا يُعقل بطبيعة الحال أن يطبّق على “البعض” فقط.

فمقطع الفيديو الذي صوّره صاحب المحلّ أظهر القائد الحگار وهو يذرو توابله في الهواء، في “لقطة” يبدو، وفق كلام المتضرّر، أنها تعاد يوميا، إذ قال إنه في الصباح المبكر ليُفسد بضاعته التي يعرضها أمام محله، والتي تتميز بسهولة تلفها، إذ ليس فيها “ما يتّجمع”، فسرعان ما تذروه الريح.

دليلٌ آخر على الشطط في استعمال السلطة واستعراض للعضلات في مغرب لا يريد بعض من خُوّلت لهم فيه سلطة ما أن يفهموا أن التوجّه العام يسير، منذ عشرين سنة، وليس اليوم فقط، في اتجاه تكريس المفهوم الجديد للسلطة، لكنْ مع الأسف ما زالت عقلية البعض “قاصرة” عن مسايرة “عهدنا” هذا ويصرّون إلا على العيش خارج التغطية، بممارسات من العهد البائد.

فإذا كان كل التجار والبائعين “يحتلون المِلك العمومي” في القيسارية المذكورة، وليس فقط صاحب المحل “المستهدَف”، فالطبيعي أن يقوم القائد بتحرير مخالفة في حقّ صاحب المحل دون الحاجة إلى تخريب سلعته، وطبعا لا يجب أن “ينسى” بقية المخالفين.

فإذا كان البعض قد دافعوا عن هذا القائد من منطلق أنه فقط “يؤدي المهام الموكولة إليه وأنه طبّق القانون لأن التاجر عرَض سلعته في الشارع واحتل الملك العامّ، فلا شيء يمنعه من تطبيق القانون في حق الجميع، في وطن يُفترَض فيه أن الجميع متساوون أمام القانون..

رابط الحلقة التي اعتذر فيها الخراز للجالية بعد حذفه الفيديو المسيء، واللي جا يكحّلها فيه صدْق عْماها، كما يقول المثل، بعدما “هاجم” وهو “يعتذر” المهاجرين غير الشرعيين:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *