نظرت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني بعين الرضا إلى مؤشرات الاستقرار المالي التي أبرزها مشروع قانون المالية لسنة 2026، معتبرة أن توجهات الميزانية تعكس انضباطا في الإنفاق والتزاما بمسار الضبط المالي الذي تنتهجه الحكومة.
ومع ذلك، نبهت الوكالة في تقريرها الأخير، من سيناريو أن تشكل مشاريع البنية التحتية الكبرى المقررة في إطار التحضيرات لاستضافة كأس العالم 2030، مصدر ضغط محتمل على المالية العامة إذا لم تدار ضمن ضوابط دقيقة.
وأكدت “فيتش” أن “الخطر الرئيسي على التوقعات المالية يتمثل في احتمال تجاوز النفقات المبرمجة لمشاريع البنية التحتية، مبرزة أن المغرب يستعد لإطلاق استثمارات ضخمة تشمل بناء مطارات جديدة، وتوسيع شبكات السكك الحديدية، وإنجاز مرافق رياضية ومائية وطاقية.
ووفقا لتقديرات الوكالة، تمثل تكلفة هذه المشاريع حوالي 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، غير أنها أكدت أن العبء المالي على الميزانية المركزية سيكون محدودا بفضل اعتماد المغرب على شراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل الجزء الأكبر منها.
وأضاف التقرير أن مشروع قانون مالية 2026 لا يتضمن زيادة حادة في الإنفاق العمومي، وهو ما تعتبره “فيتش” عاملا إيجابيا يحد من المخاطر المالية التي كانت قد أُخذت في الاعتبار عند تأكيد تصنيف المغرب عند درجة (BB+)، مع نظرة مستقبلية مستقرة في شتنبر الماضي.
وتشير فيتش إلى أن مشروع قانون ميزانية 2026 يتوقع عجزا في الميزانية بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بانخفاض عن توقعات 3.6 في المائة لعام 2025.
كما يتوقع مشروع قانون المالية لعام 2026 انخفاضًا طفيفًا في إجمالي الإيرادات إلى 23.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026، مقارنة بنسبة 24 في المائة المتوقعة في عام 2025.
ومع ذلك، تتوقع الحكومة زيادة معتدلة في الإيرادات الضريبية في عام 2026، مدفوعةً بارتفاع إيرادات ضريبة دخل الشركات بنحو 0.8 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، “ما يعكس إجراءات تعبئة الموارد”.
وحسب التقرير، “سيعوض هذا الارتفاع بانخفاض بنحو نقطة مئوية واحدة من الناتج المحلي الإجمالي في الإيرادات غير الضريبية، ويرتبط بتقليل اعتماد الحكومة على آليات “التمويل المبتكر”، والتي تعتمد عموما على بيع وإعادة تخصيص الأصول العامة”.
وبذلك، ترى الوكالة أن الانضباط المالي الذي يميز توجهات الميزانية يمنحها مرونة أكبر في مواجهة تحديات المرحلة المقبلة، رغم حجم المشاريع المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030.
يذكر أن “فيتش” هي وكالة تصنيف ائتماني أمريكية كبرى، تصنف ضمن أكبر ثلاث وكالات في العالم. وتصدر تقييمات لجدارة الشركات والمؤسسات المالية والكيانات السيادية مثل الحكومات وقدرتها على سداد التزاماتها المالية.
عادل الشاوي/ Le12.ma
