المصطفى الحروشي

تتسارع وتيرة الأحداث في خضم الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، التي تفجّرت بعدما سمحت الأخيرة باستقبال زعيم الانفصاليين على أراضيها، بمبرّر “الدواعي الإنسانية”، ضاربة عرض الحائط كافة الأعراف الدبلوماسية ومبادئ حسن الجوار والاتفاقيات والمواثيق التي تجمع البلدين في مختلف المجالات.

وكان من آخر مظاهر هذا الاحتقان ما شهدته سواحل مدينة سبتة المحتلة بعد وصول آلاف المغاربة، بمن فيهم الأطفال، ما جعل إسبانيا تُحرّك جيشها، في ما يُفهم منه أنها مستعدّة لأي خيار من أجل تأمين حدود المدينة السليبة، وكذا زيارة وزير خارجية إسبانيا للثغر المحتل، والذي قوبل باحتجاجات عنيفة اضطرته إلى العودة بسرعة من حيث أتى.

من أجل فهم ما يجري بين البلدين الجارين، طرحت جريدة “le12.ma” –عربية على الدكتور الباحث في العلوم السياسية محمد شقير، ثلاثة أسئلة، فكانت هذه أجوبتَه:

*ما قراءاتك لتطورات الأزمة المغربية الإسبانية؟

بحكم الجوار بين المغرب وإسبانيا، وبحكم الشراكة الاقتصادية والعلاقات السياسية، أصبح من المفروض على الطرفين أن يجلسا إلى طاولة التفاوض وفتح باب الحوار، مع تحديد كل طرف لتصوره لهذا الحوار، بعد هذا التوتر وبهذه الحدة، ما جعل بعض ممثلي الأمم المتحدة  يدعون إلى التهدئة.

فبسبب الحرب السياسية الدبلوماسية المستعرة، سيضطر الطرفان إلى الإسراع  بالبحث عن مجال للتفاوض والتهييئ لانعقاد اللجنة المشتركة، التي ستكون خير وسيلة لإنهاء هذا التصعيد. والأكيد أنه ستكون هناك، في المستقبل القريب، اجتماعات على مستولى عالٍ، وسيحاول كل طرف التوصل إلى نقط التساؤل والتشاور انطلاقا-كما يطلب المغرب- من أرضية جديدة تقوم على الصراحة والوضوح وبعيدة عن تفادي الاستفزاز، خاصة بالنسبة إلى القضية الإستراتيجية الصحراء المغربية، التي تعدّ من أساسيات الحوار.

*كيف ترى زيارة رئيس الحكومة الإسبانية لسبتة المحتلة وسط انتقادات سياسية وشعبية لإدارة حكومته العلاقة مع المغرب؟

إن التوتر الحالي بين المغرب وإسبانيا والتراكمات السياسية واستقبال اسبانيا لرئيس الجبهة الإنفصالية كان بالنسبة إلى المغرب موقفا أو خطوة استفزازية كبيرة، ما جعله يرد على هذا الموقف، رغم كل التبريرات التي قدّمتها إسبانيا في ما يتعلق بالمسألة على أساس أن الاستقبال كان لدواعٍ إنسانية.. وأظن أن رسالة المغرب كانت من الحجم نفسه، بحيث أن التغاضي عن تنقل المهاجرين، سواء من المغرب أو إفريقيا، لكل من ثغري سبتة ومليلية، يدخل في  خاصة القادم من بؤر التوتر، إطار التبريرات الإنسانية.. وهي رسالة سياسية واضحة من المغرب بخصوص هذه المسألة..

وهو ما جعل إسبانيا تردّ هي أيضا بالمنظور نفسه من خلال الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسباني لسبتة المحتلة، على أساس أن هذه الزيارة كانت بمثابة رد عنيف من إسبانيا على المغرب، وهذا بطبيعة الحال يشكل نوعا من الحرب الدبلوماسية تُستعمل فيها كل الأسلحة، غير أن هذه الأسلحة هي أسلحة بشرية وسياسية.  

*كيف تقرأ مستقبل هذه الأزمة في ظل اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بمغربية الصحراء المضمّن في الاتفاق الثلاثي المغربي -الأمريكي -الإسرائيلي؟

الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ليس خطوة سياسية لإدارة في نهاية حكمها، وإنما هي خطوة إستراتيجية أمريكية في المنطقة، تقوم على أساس تدعيم الحليف الإستراتيجي على المستوى العسكري والأمني وحتى الاقتصادي، ما يجعل هذا الاعتراف يتقوى. لكن هذا الاعتراف شكل أحد أسباب التخوف الأوروبي في ما يخص هذا المشروع، ما يعكس التوتر الواقع حاليا في المنطقة، لكن الاعتراف الأمريكي مسألة إستراتيجية وليس تكتيكية.

وأكيد أن الاتفاق الثلاثي خفّف الإسراع في تنفيذ بعض الخطوات الحاسمة في القضية، خاصة في التوترات الحالة، لا سيما التوتر بين حماس وإسرائيل.. ورغم ذلك فهو لن يؤثر عن الاتفاق الثلاثي، لأنها مصالح بين دول وستبقى مستمرة رغم كل الأزمات والمشاكل التي تشهدها، وبالتالي فإن الاتفاق سيستمر وسيتقوى”.

*باحث متخصص في القضايا الاستراتجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *