استعد أيها القارئ الكريم لتحديث جديد لم يسبق له مثيل في عالم الحركات الاحتجاجية!..
لقد أعلنت حركة “Z” (التي لا نعلم إن كانت تعني “الزئبق” أم “الزلزال” أم فقط الحرف الأخير من الأبجدية) عن لائحة مطالبها الجديدة، لتثبت مرة أخرى أنها ليست مجرد حركة، بل هي “تطبيق هاتفي” يُحدّث نفسه تلقائيًا كل أربع وعشرين ساعة.
كانت البداية “كلاسيكية” و”مُحافظة”.. إصلاح الصحة والتعليم ومحاربة الفساد.. مطالب نبيلة، صلبة، كالأثاث الخشبي القديم، لكن يبدو أن هذا الطراز مملّ، فالحركة قررت الانتقال إلى آخر صيحات الموضة المطلبية.
سرعان ما انتقلنا من “إصلاح المناهج” إلى “إعفاء الحكومة”.. قفزة منطقية كمن يقرر الانتقال “من الحمارة للطيّارة” على رأي المثل الشعبي المشهور.
لم تكد الحكومة تلتقط أنفاسها، حتى جاء “الفصل الكروي”.. مقاطعة مباريات المنتخب الوطني!.. طبعاً، لأن مشاكل الوطن كلها تتلخص في تمريرة ضائعة أو ركلة جزاء مهدورة، ولأن المسؤولين سيستيقظون مذعورين إذا وجدوا المدرجات فارغة.
لكن “القنبلة” كانت هي المطلب الأخير.. وقف التطبيع!.. هنا يجب أن نتوقف ونصفق بحرارة لـ “الديسكورد” ورفاق “بيو بيو” (الذين نتخيلهم وهم يُديرون دفة الحركة بمنطق ألعاب الفيديو).
لقد أثبتوا أن لائحة المطالب ليست وثيقة سياسية، بل هي “قائمة طعام”! يمكنك أن تطلب “صحة مُقليّة” كطبق رئيسي، وتتبعه بـ “إعفاء حكومي مع صلصة البشاميل”، وتختمها بـ “وقف التطبيع” كـ “ديسير” ثقيل.
ولا تستغرب إذا كان المطلب القادم هو “منع الشاي بالحليب بعد المغرب” أو “تخفيض سعر البصل ليصبح مساوياً لسعر الـ”إيموجي على واتساب”.
هذا ليس “برنامجًا إصلاحيًا”، إنه “إسهال مطلبي حاد”.. إنها حركة سائلة لدرجة أنها لو سقطت على الأرض لمرّت من تحت الباب.
إنها تتغير بسرعة أكبر من “تريندات” تيك توك.. عندما تبدأ في فهم سبب مطالبتهم بإقالة وزير ما، يكونون قد انتقلوا بالفعل للمطالبة بـ “مقاطعة سلالة معينة من التمور”!..
رسالتنا إلى أصدقاء “المتحكمين في الديسكورد” بسيطة: الإصلاح الناجح ليس “سائلًا”، إنه “صلب”.. لا يمكن لحركة أن تكسب مصداقيتها عندما تكون لائحة مطالبها مثل “قائمة التسوق اليومية”.
هذا التضخم المطلبي لا يعكس قوة، بل يعكس فراغًا وتشتتًا، ويعطي الانطباع أن هذه الحركة لا تُدار بـ “رؤية استراتيجية”، بل تُدار بـ “أجندات اليوم والأمس وربما تغريدة تويتر ساخنة عند الظهر”.
عندما تكون مطالبك اليوم هي نقيض مطالبك بالأمس، فإنك لا تُربك الخصم، بل تُربك “المتعاطف” وكل شخص لديه ذاكرة تتجاوز الخمس دقائق.
فلننتظر جميعاً ونرى ما هو الـ “طبق الرئيسي” الذي سيُقدم في “قائمة طعام” الغد.
نتمنى فقط أن يكون صحياً وقابلاً للهضم، قبل أن يُطالبوا بـ “إلغاء الجاذبية الأرضية” في سبيل الإصلاح الشامل!..
إدريس لكبيش/ Le12.ma
