تقرير اخباري:le12
منذ توليه لرئاسة مجلس المستشارين و فيما يمكن وصفه بإعلان النوايا بخصوص الدبلوماسية البرلمانية أكد بن شماش أن هدفه سيكون العمل على جعل المؤسسة محورا أساسيا ضمن منظومة الدبلوماسية الوطنية عبر التموقع الاستراتيجي في المنظمات البرلمانية الجهوية والقارية بالمناطق التي ظل البرلمان المغربي غائبا عنها مؤكدا ومشددا في أكثر من مناسبة على أن هذا الطموح يستلزم حسا نضاليا وطنيا أكثر من نفخ أو تسويق اعلامي هدفه الاستهلاك اللحظي، معتبرا أن عدالة القضية الوطنية ومسار المصالحة الوطنية ومكتسباتها الاستراتيجية وهو أحد اخلص وجوهها؛ ورعاية الملك محمد السادس للتعاون جنوب جنوب، وزيارته التاريخية لدول المنطقة سنة 2004, مرتكزات محورية وجب استثمارها لتصحيح سوء الفهم الكبير الذي ميز تعامل العديد من المناطق بامريكا اللاتينية في تعاملها مع بلادنا.
من هذا المنطلق وفي أقل من ثلاث سنوات أصبح البرلمان المغربي وضمنه مجلس المستشارين عضوا ملاحظا دائما بل وشريكا متقدما بكل المنظمات الجهوية والقارية بامريكا اللاتينية وعلى رأسها برلمان أمريكا اللاتينية والكاراييب parlatino وبرلمان أمريكا الوسطى parlacen و برلمان دول الانديز parlandino ، بعدما كان البرلمان المغربي إلى حدود أكتوبر 2015 عضوا ملاحظا فقط بمنظمة الفوبريل.

هذا التموقع الاستراتيجي مكن دون شك من استصدار المواقف التاريخية التي عبرت عنها هذه المنظمات وخصوصا اعلان العيون الذي توج لقاء مكتب مجلس المستشارين بالمكتب التنفيذي لبرلمان أمريكا الوسطى التي أكدت عن دعمها للوحدة الترابية للمملكة المغربية ومبادرتها المقدامة للحكم الذاتي بالاقاليم الجنوبية بعد ما كانت هذه الهيئة فضاء تصدح فيه أصوات المناوئين لبلادنا لعقود وخصوصا اذا علمنا أن من بين ست دول المشكلة لها، ثلاث منها يعترف أو كان بالكيان الوهمي وخصوصا بنما ونيكاراغوا والسلفادور التي سحبت اعترافها قبل أسبوع.
نفس المواقف المتقدمة عبر عنها رؤساء المجالس التشريعية بامريكا الوسطى والكاراييب( الفوبريل) عبر إعلان الرباط.
ونفس الموقف ربما بصيغة اكثر تقدما أصدرته الجمعية العامة لبرلمان الانديز الذي يضم من بين الدول الخمس المشكلة له بلدي بوليفيا الاكوادور.
وبالحديث عن الاكوادور اعتقد انه يجب التوقف عند الزيارة التي قام بها بن شماش على رأس وفد برلماني يضم بعض أعضاء مكتبه ممثلة عن الحكومة والمعارضة وإعطاءها البعد الذي تستحق.
لا شك أن دولة الاكوادور حكومة وبرلمانا ظلت حصنا منيعا لمناصري الكيان الوهمي، وتكفي الإشارة إلى أن آخر تبادل زيارة بين المؤسسات التشريعية للبلدين يعود لسنة 2007 حين زار ممثل عن الجمعية الوطنية الاكوادور المملكة المغربية وضمنها مدينة العيون عاصمة الاقاليم الجنوبية.

لكن هل فعلا كانت الاكوادور بهذه المناعة أو الامتناع إن صح التعبير،؟!
فمن تابع الطريقة التي تم بها استقبال بن شماش والوفد المرافق له، سواء بالبرلمان الاكواتوري أو بمدن وحتى بلدات وتسليمه مفاتيح ” قلب الوطن” أو ” سلطانة جبال الانديز” كما يسمونها الاكوادور بل وفي الفضاء الذي تم فيه توقيع أول دستور للبلاد، ورفع الراية والنشيد الوطنيين، كل من تابع هذا الاستقبال الحار والصادق له أن يتساءل ، هل فعلا كانت الاكوادور ذلك الحصن المنيع وتلك الدولة “المعادية” أو حتى “العدوة”.
موقفان عبر عنهما كل من بن شماش و هيغو كيروز، الرئيس الاكواتوري للبرلمان الانديني، يلخصان ويجيبان عن الكثير من هذه التساؤلات:
رئيس برلمان الانديز قال امام أعضاء البرلمان الأنديني الممثلين لخمس دول: أن البشر من طبعه الخطأ أو سوء التقدير، لكن الحوار الصريح هو وحده الكفيل بتصحيح سوء الفهم، مؤكدا أن في أول استقبال من طرف بن شماش بمكتبه بمجلس المستشارين بالرباط، لم يتأخر في فهم انه بصدد التعرف على صديق وأخ يمكن أن يعول عليه لبناء وفتح علاقة جديدة وصادقة وواعدة بين المغرب ودول المنطقة وبلده الاكوادور.
بن شماش من جهته لخص و عبر عن ذلك بجرأته السياسية والفكرية ، حين قال أن حفاوة الاستقبال التي حظي بها والوفد المرافق له منذ حلوله بجمهورية الاكوادور، رسخت لديه قناعات كبيرة مرتبطة بمدى فضاعة وشساعة ما تم تضييعه من فرص للتعاون بين البلدين والمنطقتين جراء حسابات واعتبارات ايديولوجية ضيقة، ولكن بالمقابل هي زيارة استقبل وتلقى فيها عن العديد من رسائل الاخوة والصداقة الحقيقية، رسائل الرغبة الكبيرة في فتح علاقات تعاون متينة وعمل مشترك قائم على الثقة والاحترام المتبادلين.
حيث أكد بن شماش في هذا الصدد أن المملكة المغربية بكل مكوناتها كانت تحذوها دائما نفس الرغبة، ونفس القناعة وأن زيارته والوفد المرافق له جاءت بهذه الخلفية، خلفية الرغبة في إرساء حوار برلماني متين، والرغبة في استثمار القيم والقواسم المشتركة من أجل مواجهة التحديات المشتركة، وقبل كل شيء الرغبة في تجاوز كوابح بناء شراكة استراتيجية بين البلدين سواء المرتبط منها بالبعد الجغرافي، أو بالاعتبارات الايديولوجية، معبرا في هذا الإطار عن اعتزاز المغرب بالتحول الكبير الذي تعيشه المنطقة والتي أفرزت جيلا جديدا من القادة السياسيين البراغماتيين والمتحررين من العقد السياسوية الموروثة عن الحرب الباردة ، جيل جديد مصمم على تعزيز التعاون جنوب جنوب ووضع مصالح شعوبه فوق كل لون أو اعتبار.

فضلا عن ذلك أكد بن شماش، انه كمسؤول برلماني مغربي لديه الشجاعة الفكرية اليوم ليعترف ويقر أن منتخبي وبرلمانيي المغرب أيضا تأخروا في استدراك غيابهم عن التجمعات البرلمانية الوطنية و الجهوية والقطرية والقارية بامريكا اللاتينية، لكن ولحسن الحظ وفي سنوات قليلة ربما لا تتعدى الثلاث أو أربع سنوات، وفي مدة قليلة راكم البرلمان المغربي علاقات قوية ومتينة مع نظرائه الامريكو لاتينيين وارسى حوارا متميزا بدأت ثماره ونتائجه تتجلى اليوم، وارسى حوارا متميزا بدأت ثماره ونتائجه تتجلى اليوم، بل والاكثر من ذلك فإنه نجح في الربط بين قارتين و برلمانيي المنطقتين الافريقية والأمريكو لاتينية من خلال إطلاقه لمبادرة إنشاء المنتدى البرلماني الإفريقي الامريكو لاتيني التي تتجسد بخطى ثابتة اليوم، مبرزا قناعته أن هذا المسار يتعزز يوما بعد يوم، والمسؤولية الملقاة على برلمانيي المنطقتين هي الارتقاء بالشراكة الاقتصادية والثقافية وإرساء برامج عمل مشتركة تخدم مصالح الشعوب إلى مستوى الحوار البرلماني الذي تم إنشاؤه على مدى السنوات القليلة الماضية.
