سعيد بلفقير*

معالي وزيرنا في الصحة، نيابة عن زميلنا وأستاذنا محمد عمورة، أتقدم لمعاليكم باعتذار أرجو أن ينال من جنابكم القبول. وإذ أعتذر اليوم بلسانه، لا يفوتني أن أتبرأ منه كزميل فذ وأستاذ ملهم، كيف لا أفعل وقد نبش في قبر النسيان أو التناسي وتحدّث عن الموت الجميل في هذا البلد!؟ نعم، إنه الموت الجميل، يتشح بالبياض، تفوح منه عطور باريس، تزيّن معصمَه ساعة سويسرية ضُبطت على توقيت الفاجعة. كيف تتحدث يا زميلي عن الموت الغالي؟ موت غير متاح للجميع، موت تخطو نحوه تحلم بالحياة فتدرك أنك أرخص من خيط تخاط به الأفواه قبل الجروح.

يا معالي الوزير، أرجوك لا تلق بالا لما قال العزيز عمورة، فهو لا يعرف غير تلك المستشفيات التي يفترش مرضاها الحصير ولا أجهزة فيها ولا دواء ولا طبيب ولا حارس أمن ولا ممرضين ولا سقفاً ولا مواعيد! وحدَه ملك الموت جالس هناك، يحصي الفراغ والأموات. هو لا يعرف غير تلك المصحات (لا أعمّم) التي تُشخّص حالة رصيدك في البنك والجيب قبل أن تشخّص داءك. تلك المصحات التي ترى فيك زبونا قابلا للعصر، لا مريضا يرجو الشفاء. تلك المصحات (لا أعمّم) التي إذا جئتها مزكوما جيّشتْ أسطولها العظيم لغزوك، قد يكون السبب كِلية تحتاج إلى صيانة أو كبدا تحتاج إلى بتر أو قد تحتاج إلى قطع غيار من دونها قد تموت ألما، أمّا بها فستموت جميلا.

قبل أن أختم كلامي، سيدي الوزير، في حال المرض (لا قدّر الله) هل تزور مستشفياتك العمومية أم هناك مستشفيات خاصة تليق بكم فقط؟! أعرف أنك تزورها معالي الوزير، ولكن كوزير، فتجد الأجهزة، ما ظهر منها وما بطن، وتجد الممرضين يضاهونك أناقة، ملائكة تمشي على الأرض، وتجد مرضى حليقي الذقون، مبتسمين، ومريضات بكامل الزينة، كأنهن خرجن للتو من مركز للتجميل. تصدق الأمر وتبتسم وتلعن عمورة وبرنامجه وتكتب رسالتك تشتكيه فيها.

كلمة حق لا بد منها: في كل مهنة هناك الغث والسمين، الصالح والطالح، وفي مهنة الطب هناك أناس أسدوا خدمات جليلة لا تنسى، زاروا قرى ومداشر بعيدا عن كاميرات الدفع المسبق، بذلوا من وقتهم وعلمهم ومالهم من أجل رسم ابتسامات كثيرة، وكنت على ذلك شاهدا، أمام الله قبل عباده، ولكنهم، مع الأسف، قلة.

الزميل والاستاذ محمد عمورة كل التضامن.

***

*صحافي مغربي مقيم بقطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *