من المرتقب أن يعرف المشهد التنموي المغربي نقلة نوعية مع مشروع قانون المالية رقم 50.25 للسنة المالية 2026، الذي سيقدّم مساء اليوم الإثنين في جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان.
ويتجسد هذا التحول في التنصيص على إحداث “صندوق التنمية الترابية المندمجة”، الذي يمثل الأولوية الثانية الكبرى في مشروع القانون، وخصصت له الحكومة ميزانية طموحة تبلغ 5 مليارات درهم لكل من نفقات وموارد الصندوق في عام 2026.
ويأتي هذا الإجراء استجابة للتوجيهات الملكية السامية، وتجسيدًا عمليًا لما أشار إليه بلاغ الديوان الملكي إثر المجلس الوزاري ليوم أمس الأحد، بالحديث عن “إطلاق الجيل الجديد من برامج التنمية المجالية المندمجة”.
ويهدف الصندوق الجديد إلى التركيز على ترصيد الخصوصيات المحلية، وتعزيز الجهوية المتقدمة، وتكريس مبدأ التضامن بين المجالات الترابية.
تحويل “صندوق التنمية القروية” إلى إطار تنموي أشمل
وكشف مشروع قانون المالية الجديد أن إحداث “صندوق التنمية الترابية المندمجة” سيتم عبر “تغيير الحساب المرصد لأمور خصوصية المسمى “صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية””، الذي يعد من “الحسابات الخصوصية للخزينة”.
ويؤكد هذا التحويل التوجه نحو إطار تنموي أوسع وأكثر شمولاً، يغطي مختلف المجالات الترابية وليس القرى والمناطق الجبلية فحسب.
ولإعطاء دفع أكبر لبرامج الصندوق، نصت المادة الخامسة والعشرون من المشروع على تحديد مبلغ النفقات المأذون الالتزام بها مقدمًا خلال السنة المالية 2026 من اعتمادات 2027 بمبلغ 15 مليار درهم، ما يعكس حجم الطموح وضرورة الاستدامة في تمويل المشاريع التنموية.
كما أشار مشروع القانون إلى أنه سيعيّن الآمر بقبض موارد وصرف نفقات هذا الحساب طبقاً للنصوص التنظيمية، ابتداء من فاتح يناير 2026.
أهداف وموارد الصندوق الجديد
سيركز “صندوق التنمية الترابية المندمجة” على تمويل “البرامج والمشاريع المتخذة في إطار التنمية الترابية المندمجة”، مع إعطاء الأولوية لإحداث مناصب الشغل للشباب، والدعم الفعلي لقطاعات التربية والتعليم، والصحة، إضافة إلى التأهيل المجالي.
وتشمل نفقات الصندوق “الجانب المدين” على وجه الخصوص مجالات دعم التشغيل عبر تثمين المؤهلات الاقتصادية الجهوية، وتوفير مناخ ملائم للمبادرة والاستثمار المحلي، وتقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية، خاصة التربية والتعليم والرعاية الصحية، والتدبير الاستباقي والمستدام للموارد المائية، والتأهيل الترابي المندمج.
ولضمان تعدد مصادر التمويل، يتضمن “الجانب الدائن” للصندوق مبالغ مدفوعة من الميزانية العامة، ومساهمات الجماعات الترابية، ومساهمات المؤسسات والمقاولات العمومية، إضافة إلى مساهمات المنظمات والهيئات الدولية والهبات والوصايا.
وسيستمر الحساب الجديد في تنفيذ واحتساب النفقات المتعلقة بالعمليات المكوِّنة للبرامج المندمجة للتنمية القروية والمناطق الجبلية، لضمان استمرارية المشاريع القائمة.
ويشير هذا التوجه الجديد إلى عزم الحكومة على تعزيز اللامركزية والتضامن المجالي، من خلال برامج تنموية تُعدّ بناءً على تشاور موسع مع الفاعلين الترابيين، مع إعطاء “عناية خاصة، في هذا الإطار، للمناطق الأكثر هشاشة، خاصة مناطق الجبال والواحات، وللتنمية المستدامة للسواحل الوطنية، وكذا لتوسيع نطاق البرنامج الوطني لتنمية المراكز القروية الصاعدة”.
