تتواصل المطالب الحقوقية بفتح تحقيق شامل ومعمق في قضية وفاة الطفل الراعي محمد بويسليخن، المعروف إعلاميا بـ”محمد إينو”، وذلك استنادًا إلى الشكايات والاتهامات التي وجهتها الأسرة وعدد من الهيئات الحقوقية، وعلى رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى كل من رئاسة النيابة العامة بالرباط والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالراشيدية.
وأكدت الجمعية، من خلال البيان رقم3 الصادر عن لجنة الحقيقة والمساءلة، على ضرورة عدم استثناء أي طرف أو جهة محتملة من التحقيق، داعية إلى إجراء الأبحاث في جميع الاتجاهات، دون تحيّز أو إغفال، بهدف كشف الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة للضحية وأسرته، في قضية باتت تشغل الرأي العام المحلي والوطني.
كما أدانت فعاليات حقوقية ما وصفته بـ”كل أشكال الضغط والتضييق” التي تعرّضت لها أسرة الطفل محمد بويسلخن بمنطقة أغبالو، والتي انتهت بتهجيرها قسرًا من مسكنها، في ظل صمت رسمي مثير للقلق.

وثمّنت الهيئات الحقوقية مبادرة ساكنة “تقجوين” في احتضان الأسرة، وما قدمته من دعم ومواساة، عكست روح التضامن وقيم الإيثار والإنسانية.
وفي السياق ذاته، أشادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتطوع العشرات من المحامين الشرفاء للترافع نيابة عن الأسرة ومؤازرتها، معبّرة عن ثقتها الكاملة في نزاهتهم وكفاءتهم وحرصهم على إيصال صوت الضحية وأسرته، وكذا لجنة الحقيقة والمساءلة.
ودعت الجمعية، في بلاغ لها، كافة القوى الحقوقية والنقابية والسياسية بإقليم الراشيدية إلى المشاركة المكثفة في الاعتصام والمبيت الليلي المزمع تنظيمه أمام محكمة الاستئناف بالراشيدية، يوم الجمعة 5 شتنبر 2025، ابتداءً من الساعة السادسة مساءً، للمطالبة بمحاكمة عادلة تحفظ كرامة الضحية، وتكشف ملابسات القضية بشكل كامل.
وأكدت الجمعية أن قضية الطفل محمد بويسلخن لا يمكن تصنيفها كجريمة جنائية عادية، بل تُعد “انتهاكًا صارخًا لحق الطفل في الحياة والأمان”، موجّهة نداءً عاجلًا إلى الدولة لتحمّل مسؤولياتها الكاملة في حماية الأطفال، وصون حقوقهم، ووقف جميع أشكال العنف، والاستغلال، والانتهاكات التي تطال وضعهم الهش.
وتعود تفاصيل هذه القضية، إلى شهر يونيو الماضي، عندما تم العثور على الطفل محمد ميتا ومعلقا بواسطة جبل ملفوف على عنقه، بإحدى الأماكن الخالية بجماعة أغبالو أسردان بإقليم ميدلت.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرشيدية، قد أصدر بلاغا أفاد فيه أن التحريات القضائية انطلقت مباشرة بعد العثور على جثة الطفل حيث باشرت الشرطة القضائية أبحاثا معمقة تحت إشراف النيابة العامة، شملت الاستماع إلى عدد من الأطراف، من بينهم والدا الضحية، وإجراء معاينات دقيقة بمكان الحادث.
وأضاف البلاغ أن نتائج التشريح الطبي الأولي أظهرت أن سبب الوفاة هو الاختناق بواسطة حبل، دون رصد أي آثار تشير إلى تعرض الجثة لعنف جنسي أو بدني، مؤكدا أن البحث القضائي ما يزال متواصلا.
وكان صبري الحو، محامي عائلة الطفل محمد بويسلخن، المعروف بـ”محمد إنو”، قد أصدر بلاغًا كشف فيه عن مستجدات قضية وفاة الطفل، التي ما تزال، بحسب العائلة والدفاع، تحيط بها الشكوك والغموض، في ظل رواية “الانتحار” التي تعتبرها الأسرة غير مقنعة وغير منسجمة مع المعطيات الميدانية.
وتقدم المحامي الحو، بتاريخ 24 يوليوز المنصرم، بشكاية إلى الوكيل العام للملك ورئيس النيابة العامة، طالب فيها بـ”إعادة فتح التحقيق من الصفر” أو تعميقه، مع التركيز على شهادة الوالدين واتهاماتهما الموجهة إلى صاحب ضيعة مجاورة، كان الطفل قد تلقى منه تهديدات مباشرة قبيل وفاته.
وأثار البلاغ شكوكًا جدية حول مكان وظروف العثور على جثة الطفل، معتبرا أن موقع الوفاة لا يدعم فرضية “الاختناق الناتج عن الانتحار”.
كما طالب الدفاع باستبعاد التقرير الطبي الأولي، وإجراء تشريح طبي جديد من قبل لجنة طبية ثلاثية أو مختبر علمي تابع للشرطة القضائية، للتثبت من احتمال وجود آثار عنف أو تعذيب.
وشدد المحامي على ضرورة تكليف ضابطة قضائية مستقلة عن تلك التي أجرت التحقيقات الأولية، واقترح تدخل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أو الدرك الملكي، لضمان النزاهة والحياد في البحث.
وبتاريخ 5 غشت الجاري، تقدمت العائلة، عبر محاميها، بشكاية إضافية تضمنت تحديدًا بالأسماء والصفات للمشتكى بهم، من ضمنهم صاحب الضيعة المجاورة، وبعض عماله، والطبيب الذي أشرف على التشريح، وعناصر من الدرك الملكي الذين تولوا التحقيق الأولي، إضافة إلى الشخص الذي قام بنقل الجثة في ظروف مشبوهة.
تجدر الاشارة إلى أنه تم تحدد تاريخ 28 غشت الجاري، موعدا للجلسة الأولى من التحقيق الإعدادي.
