le12.ma -وكالات
تحدّى الآلاف من الجزائريين في عدة مدن تدخّل قوات الأمن الجزائرية بعنف لإجهاض مسيراتهم السلمية خلال الجمعة الـ117 لحراكهم الاحتجاجي الشعبي، المطالب بـ”رحيل” النظام وإرساء دولة مدنية وليس عسكرية وبالإفراج عن المعتقلين.
وأفادت مصادر إعلامية جزائرية بأن نفذ النظام، الذي كان قد فرض الترخيص المسبق للمسيرات، أعطى أوامره لقوات الأمن التي تدخّلت بعنف لإجهاض مسيراتهم السلمية، إذ فرضت مصالح الأمن طوقا مشددا على المحتجّين الجزائر العاصمة، محاولة إجهاض مسيرات الحراك، واستعملت العنف بوحشية في حق المحتجّين السلميين، الذين تعرضوا للضرب المبرّح، بعدما تجمهروا بأعداد كبيرة قرب مسجد “الرحمة” وسط العاصمة، واعتقلت المئات منهم واقتادتهم بالقوة إلى مراكز الشرطة.

وتابعت المصادر ذاتها أن عناصر الشرطة وقوات مكافحة الشغب، التي عنّفت كل شخص أراد التظاهر سلميا في شوارع العاصمة، أوقفت أيضا أو طردت عددا من ممثلي الصحافة الأجنبية ومنعتهم من تأمين تغطية المسيرات. كما اعتقلت صحافيين جزائريين مستقلين، منهم خالد درارني ومصطفى بسطامي وجعفر خلوفي وكنزة خاطو، حتى قبل انطلاق المسيرات، التي عادة ما تخرج بعد صلاة الجمعة.
وجرى أيضا إيقاف زعماء سياسيين، مثل محسن بلعباس رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وفتحي غراس، المنسق الوطني لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية.
وتدخّلت قوات الأمن بعنف لمنع خروج مسيرة الحراك في باب الواد، بعدما أغلقت كافة منافذه واعتقلت عشرات المتظاهرين، خاصة في شارع “ميرا”، بينما لاذ العديد منهم بالفرار في كل الاتجاهات للإفلات من قبضة عناصر الشرطة.
وفي تيزي وزو، نظم المواطنون مسيرة حاشدة في الشوارع الرئيسية للمدينة، رددوا خلالها الشعارات المعهودة للحراك. وأوقفت مصالح الأمن عددا منهم، وبينهم صحافيون، في شارع الشهيد أحمد لعمالي ونقلتهم إلى مركز الشرطة.
كما لم يسلم المتظاهرون الذين خرجوا في البويرة بعد الصلاة، في مسيرة الجمعة الـ117 للحراك، للمطالبة بالتغيير الجذري وبإطلاق سراح المعتقلين، من التعنيف.
و أفادت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين بأن قوات مكافحة الشغب الجزائرية لجأن إلى الاستعمال المفرط للقوة ضد المحتجين في العديد من المدن الكبرى، منها وهران وسطيف وبرج بوعريريج ومستغانم وغيرها.
وجاء هذا المنع بعد أيام من إعلان وزارة الداخلية الجزائرية، في بيان، فرض التصريح المسبق بأية مسيرة، وبأسماء المسؤولين عن تنظيمها، وساعة بدايتها وانتهائها، والمسار والشعارات المرفوعة، لدى المصالح المختصة. وأكدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في رد فعلها على هذا الإجراء، أن “الجزائر الجديدة”، بإخضاعها الحرية في التظاهر لنظام الترخيص المسبق، “تترسّخ في الديكتاتورية”.
وسُجل في الجزائر، على بعد أسابيع قليلة عن الانتخابات التشريعية، المقررة في 12 يونيو المقبل، تفاقم لأعمال العنف والاعتقالات في صفوف المتظاهرين. وكان الناطق باسم مجلس حقوق الإنسان الأممي، روبير كولفيل، قد عبر خلال ندوته الصحافية الدورية، في جنيف، عن “قلق متزايد” لدى الأمم المتحدة تجاه الوضع في الجزائر، حيث تتواصل الاعتداءات على الحقوق الأساسية مثل حرية الرأي والتجمع السلمي”.

وصرّح كولفيل بأن المجلس تلقى عدة تقارير تشير إلى “الاستعمال المفرط وغير المجدي للقوة ضد المتظاهرين السلميين، كما تشير إلى أن الاعتقالات مستمرة”.
وطالب السلطات الجزائرية بـ”الوقف الفوري للاعتقالات التعسفية لأشخاص يمارسون حقوقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي”، مشيرا إلى أن ما يناهز 70 شخصا قد يكونون رهن الاعتقال لمجرد أنهم مارسوا حقوقهم الإنسانية المشروعة.
ومن جهته، أكد الاتحاد الأوروبي، أنه يتابع عن كثب التطورات في الجزائر، لاسيما وضعية حقوق الإنسان. ووضّح الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، في معرض رده على سؤال لعضو في البرلمان الأوروبي حول تدهور وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، أن احترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان يعدّ عنصرا أساسيا في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والجزائر.
ويشار إلى أن مظاهرات الحراك الشعبي، الذي كان قد أطاح بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 سنة من الحكم المطلق، وبعد أن تم تعليقها لحوالي سنة، بسبب تفشي جائحة كورونا، استؤنفت يوم 22 فبراير الماضي، بالمطالب نفسها، الداعية إلى دولة مدنية ورحيل النظام القائم.
ويذهب مدافعون عن حقوق الإنسان أن وزارة الداخلية الجزائرية، التي لزمت الصمت بخصوص القمع الذي تعرض له متظاهرون خلال الجمعتين الماضيتين في الجزائر العاصمة وفي العديد من المدن، توجّه بذلك رسالة واضحة للحراك، ومن ثمة لكافة المنظمات التي تعتزم تنظيم مظاهرات في الشارع مستقبلا.
