إن المساعدات الإنسانية المغربية تُظهر الجمع بين الالتزام الثابت بالقضية الفلسطينية والعمل الإنساني المباشر في الميدان، ما يجعل جلالة الملك محمد السادس نموذجًا فريدًا في المنطقة، وفي العالم، في التوازن بين السياسة الدولية والواجب الأخلاقي والتضامني تجاه الأشقاء الفلسطينيين

* محمد ابن إدريس- منصةle12.ma

في ظل الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها قطاع غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية المدمرة، تبرز المملكة المغربية كفاعل رئيسي وموثوق على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال دعمها المستمر للشعب الفلسطيني الشقيق.

ويأتي هذا الالتزام ترجمةً لرؤية ملكية ثابتة يقودها جلالة الملك محمد السادس، رئيس “لجنة القدس”، الذي جعل الدفاع عن القدس الشريف والحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ركيزة أساسية في السياسة المغربية.

وفي مواجهة التداعيات الإنسانية للحرب الحالية، لم تتوقف المملكة عن تقديم الدعم العاجل لفلسطينيي قطاع غزة، حيث تم إرسال عدة شحنات كبيرة من المساعدات الغذائية والطبية عبر جسور جوية، انطلاقًا من القاعدة العسكرية في القنيطرة.

وفي هذا السياق، جرى يوم الإثنين 18 غشت الجاري إرسال شحنات إضافية بحجم يقارب 100 طن، تشمل مواد غذائية أساسية للأطفال والرضع، بالإضافة إلى الأدوية ومواد الجراحة، مع ضمان إيصالها بشكل عاجل ومباشر إلى المستفيدين عبر الطائرات، ثم نقلها بالشاحنات، وفق توجيهات سامية من جلالة الملك.

وتتميز المساعدات الإنسانية المغربية بتفردها في التعامل مع الأزمة غير المسبوقة في قطاع غزة منذ نحو عامين، ويمكن إبراز هذا التفرد في ثلاث نقاط رئيسية:

1. التوقيت الحاسم:

تأتي المساعدات المغربية في لحظة حاسمة وحرجة، عنوانها ندرة المساعدات الدولية، في ظل تصاعد الحديث عن سوء التغذية وتهديد حقيقي بالمجاعة. ويؤكد هذا التوقيت الحس التضامني الإنساني العالي للمملكة تجاه المدنيين في قطاع غزة، ويعكس القدرة على تقديم الدعم حين يحتاجه الأشقاء الفلسطينيون أكثر من أي وقت مضى.

2. المسار المباشر:

بينما تواجه المساعدات الدولية صعوبات كبيرة للوصول إلى القطاع عبر معبر رفح البري من الجانب المصري (مع وجود نحو 5 آلاف شاحنة في وضعية انتظار، وفقًا للسلطات المصرية)، أو جوّاً عبر الأردن (مع تسجيل حوادث أودت بحياة أشخاص وانتهاك كرامة المستفيدين)، تصل مساعدات المملكة مباشرة عبر الطائرات، ثم الشاحنات، إلى المستفيدين في قطاع غزة، مرورًا بـ”معبر كرم أبو سالم”، الذي تمكن المغرب وحده من الولوج عبره.

هذا المسار يضمن سرعة وكفاءة إيصال المساعدات، ويبرز القدرة التنظيمية العالية للمغرب في إدارة العمليات الإنسانية الكبرى في ذروة الحرب.

3. التنسيق مع السلطات الفلسطينية:

تشمل المساعدات المغربية تعاونًا وثيقًا مع هيئات السلطة الفلسطينية، ولا سيما الهلال الأحمر الفلسطيني، وبموافقة الإسرائيليين، لضمان توزيع منظم وسلس للمساعدات. ويعكس هذا التنسيق المهنية العالية للمملكة وحرصها على دمج الجهود الإنسانية والدبلوماسية، بما يضمن وصول الدعم لمن يستحقه دون تأخير أو إهدار، مع احترام المعايير الإنسانية الدولية.

فقط المغرب، وفقط صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قادر اليوم على تنفيذ مثل هذه العمليات الإنسانية الكبرى بمصداقية والتزام وجدية.

ومنذ البداية، أكدت الرباط أن علاقاتها الدولية لن تكون أبدًا على حساب التزامها بالقضية الفلسطينية. وعلى العكس، توظف المملكة شبكتها وعلاقاتها في خدمة الشعب الفلسطيني الشقيق من خلال أفعال ملموسة، وليس عبر المبالغة اللفظية أو المناكفات السياسية، وفقًا لرأي المسؤولين الفلسطينيين أنفسهم.

ويعكس هذا الدعم المستمر، بما في ذلك المساعدات السابقة والجديدة، التزام المغرب الراسخ بالقضية الفلسطينية بعيدًا عن أي اعتبارات، ويؤكد المكانة المتميزة لجلالة الملك محمد السادس في قيادة التضامن الإنساني والسياسي مع الشعب الفلسطيني.

إن المساعدات الإنسانية المغربية تُظهر الجمع بين الالتزام الثابت بالقضية الفلسطينية والعمل الإنساني المباشر في الميدان، ما يجعل جلالة الملك محمد السادس نموذجًا فريدًا في المنطقة، وفي العالم، في التوازن بين السياسة الدولية والواجب الأخلاقي والتضامني تجاه الأشقاء الفلسطينيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *