كل مرة يتوهم فيها النظام العسكر، في الجزائر ، زعزعت ثوابت المملكة، تُنبت الأرض مزيداً من الولاء للعرش، وتزداد المسافة بين حكام دولة الحديد والنار، وبين شعبٍ حُرم من كرامته باسم “الجزائر الجديدة”.
رئاسة التحرير-جريدة le12
في تمرين ديموقراطي يعرفه المغرب، يمنح مساحات حرية للاحتجاج السلمي، تُسارع الآلة الجزائرية إلى تشغيل ذبابها وأبواقها، محاوِلةً ركوب الموجة وصياغة رواية جاهزة لتصدير الفوضى نحو الضفة الأخرى.
لكن ما لم تعد تخفيه الجزائر اليوم، هو أن استهدافها لم يعد يقتصر على مؤسسات الدولة أو مواقفها السيادية.
بل صار موجهاً بشكل مباشر ضد النظام الملكي ذاته، في مسعى يائس لتقويض الشرعية التاريخية، التي تجمع العرش بالشعب.
آخر تجليات هذا التآمر، خرجات “عبد القادر بنݣرينة”، زعيم حزب “البناء الوطني” الخوانجي، الذي تحوّل إلى ميكروفون رسمي للنظام العسكري، يُستدعى كلما احتاج قصر المرادية إلى صوت مدني يكسو خطابه العدائي ضد المغرب بطلاء حزبي أو “ديني”.
الرجل لا يملك من القرار شيئاً، ولا من الموقف ذرة استقلالية، إنه ببساطة واجهة إخوانية لجنرالات خائفة من شبابها، ومهووسة بعقدة المغرب.
في خطابه الأخير يوم السبت 4 أكتوبر، لم يكتف بنݣرينة بالتحريض السياسي، بل دعا صراحة المغاربة إلى التظاهر أمام القصر الملكي، في دعوة صريحة إلى العصيان والمس بالمؤسسة الملكية.
منزلق سابقة يكشف أن النظام الجزائري تجاوز مرحلة التحريض الإعلامي إلى التحريض الممنهج ضد الملك شخصياً. هذا السلوك لا يمكن قراءته إلا باعتباره جزءاً من استراتيجية رسمية لتشويش الداخل المغربي في لحظة حراك اجتماعي سلمي، أثبت خلالها الشباب المغربي وعياً سياسياً راقياً ووفاءً تاماً لثوابت الدولة ومؤسسة العرش.
لكن ما يثير السخرية، أن هذا التحريض يصدر من نظام يمنع شعبه من رفع لافتة في شارع.
لا بل، ويُطلق الرصاص على شباب حاولوا محاكاة حركة “جيل زيد” الجزائرية.
الجزائر التي تمنع التظاهر في الجزائر، تدعو المغاربة إلى التظاهر في المغرب! ..
أي نفاق هذا؟ وأي نظام ذاك الذي يريد أن يُعلّم الآخرين دروس الحرية وهو يكمم أفواه مواطنيه بالسجون والتهديدات؟!.
بنݣرينة، الذي يقدّم نفسه بوجه “مقاوم” وبلسان “أخلاقي”، ليس سوى موظف صغير في وزارة الحرب الدعائية للمرادية.
تاريخه يفضح دوره في تغذية خطاب الكراهية ضد المغرب منذ أكثر من عقد.
لقد جرى إستعماله في كل مناسبة انتخابية أو أزمة داخلية لترديد الأسطوانة ذاتها: “الملكية، التطبيع، الصهيونية، العدو الغربي”…
هي عناوين جاهزة تُستعمل لتبرير عجز النظام الجزائري عن تلبية أبسط مطالب الجزائريين في العمل والسكن والصحة والكرامة والحرية.
إنّ ما يجري اليوم ليس خلافاً سياسياً عابراً بين نظامين، بل حربٌ نفسية وإعلامية تشنها الجزائر ضد الشرعية الملكية المغربية الضاربة في أعماق التاريخ المغربي.
شرعية تزعج العسكر، لأنها تمثل نموذجاً للاستقرار السياسي في محيط مضطرب. لذلك يُستعمل “بنݣرينة” كقناع مدني لتوجيه الرسائل القذرة التي يعجز الجنرالات عن قولها مباشرة.
لكنّ المغرب، دولةً وشعباً ومؤسسةً ملكية، لا يردّ على التحريض بالصراخ، بل بالفعل والتاريخ.
فمنذ استقلاله، بنى المغرب شرعيته على التلاحم بين العرش والشعب، وعلى الوحدة الترابية التي لم تنل منها مؤامرات الجزائر ولا حملات العداء المستمرة.
أما النظام الجزائري، فقد بنى وجوده على الخوف الدائم من المقارنة: مقارنة ملكية تُنتج استقراراً، بعسكرٍ يُنتج أزمات.
مقارنة ملكٍ يفتح الآفاق، بجنرالٍ يغلق الحدود.
رسالة إلى المرادية من تحت وفوق الماء
نقول فيها بإسم جريدة le12.ma، المغربية وكل الأصوات الوطنية في المملكة، كفّوا عن اللعب بالنار.
فالمغرب ليس حقل تجارب لإحباطاتكم الداخلية، ولا ساحة لتصفية حساباتكم مع التاريخ.
كل مرة تحاولون فيها المس بثوابت المملكة، تُنبت الأرض مزيداً من الولاء للعرش، وتزداد المسافة بينكم وبين شعبٍ حُرم من كرامته باسم “الجزائر الجديدة”.
أنتم لا تحاربون المغرب، بل تحاربون صورة الوطن التي افتقدتموها في أنفسكم.
تحرضون ضد الملك لأنكم لا تملكون رمزاً يوحّدكم، وتغارون من استقرار المغرب لأنكم غارقون في ركام الخوف والعسكر والإنكار.
المغرب ماضٍ بثوابته نحو المستقبل، والملكية المغربية لا تُقاس بخُطبكم ولا تُهزّ بأحقادكم.
فمن يجرّب تحدي التاريخ، يخرج من صفحاته مسحوقاً.
وأنتم، في المرادية، على وشك أن تُمحَوا من ذاكرة المنطقة… بسقوطكم، لا بصوتنا!.
