في إجتماع عقده المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية يوم السبت 06 دجنبر بمدينة الحسيمة، وذلك تحت شعار “الوفاء من الريف إلى الصحراء”، تميزت الكلمة الافتتاحية التي ألقاها محمد أوزين، الأمين العام للحزب، بحدث فريد من نوعه واستثنائي في زمنه ومضمونه.

يتعلق الأمر بمبادرة الأمين العام للحركة الشعبية محمد أوزين برفع التماس إلى جلالة الملك يرمي إلى سبغ عطف جلالته على رعاياه الأوفياء بالعفو على المعتقلين على خلفية الأحداث التي عرفتها منطقة الريف سنتي 2016 و2017، وأيضا على خلفية الأحداث التي عاشتها العديد من المدن عقب مظاهرات شباب GenZ212 شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين.

ولئن كانت هذه المبادرة التي أعلن عنها الأمين العام لحزب الحركة الشعبية محمد أوزين تشكل تحولا نوعيا في الخطاب السياسي لهذا الحزب، بحيث تعتبر هذه أول مرة يتطرق فيها أعضاء الحزب لهذا الموضوع الذي يعلم الجميع مدى حساسيته، فإنه قد كانت مثيرة للانتباه لحظة وقوف الجمهور في القاعة أثناء عرض محمد أوزين لمضامين هذا الالتماس كتعبير عن الاجلال والتقدير الذي يكنه أعضاء الحزب للجالس على العرش الذي رفع هذا الالتماس لنظره السديد وعطفه الأمين.

المبادرة تحمل رمزية كبرى وتأتي في وسياق وطني استثنائي بكل المقاييس. فبعد أسابيع قليلة على قرار مجلس الأمن الدولي بتكريس مقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد وواقعي لإيجاد حل سياسي عادل ودائم للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وقرار جلالة الملك، نصره الله، على إثر ذلك جعل تاريخ 31 أكتوبر من كل سنة عيدا وطنيا للوحدة، وما خلفه هذا الحدث الكبير من أجواء السعادة والفرح بمختلف جهات المملكة، من الجنوب إلى الشمال، ومن الشرق إلى الغرب، وأيضا لدى أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، ولدى سائر الدول الصديقة، وهو ما يعتبر بحق لحظة تاريخية مفصلية لتدعيم أسس الوحدة الوطنية وترسيخ قيم المصالحة والإنصاف والتضامن، وتعزيز الروابط الأخوية بين سائر أبناء الشعب المغربي باختلاف انتماءاتهم الإجتماعية والمجالية، وتنوع لغاتهم وثقافاتهم، وتعدد مرجعياتهم الفكرية والسياسية ومعتقداتهم الدينية، فإن مبادرة هذا الالتماس تؤكد أن الوقت فعلا قد حان لطي صفحة مؤلمة بالنسبة لهؤلاء المعتقلين الشباب الذين كان ذنبهم الوحيد أن معظمهم شاركوا في حركات احتجاجية رفعت فيها مطالب اجتماعية وثقافية، وخاصة منهم شباب “حراك الريف” والذين مازالت منهم مجموعة منهم تؤدي عقوبة أحكام ثقيلة بالسجن وعلى رأسهم ناصر الزفزافي الذي فقد والده مؤخرا ووالدته، أطال الله من عمرها، تعاني حاليا من أمراض عضالة.

أرى، وبكل تجرد، أعتبر أن مبادرة حزب الحركة الشعبية التي أعلن عنها الأمين العام للحزب محمد أوزين، لا تستوجب أي قراءة سياسوية أو انتخابوية خارج النسق القيمي والاطار المؤسساتي الذي قدمت من خلاله. بالعكس، أعتقد أن هذه المبادرة هي من صميم الأدوار المنوطة بالأحزاب السياسية في جعل نفسها قناة من بين قنوات تعزيز التواصل والترابط والتأطير والتناغم والانسجام بين الدولة والمجتمع. مبادرات من هذا القبيل، يجب أن تكون موجهة بهاجس واحد ووحيد: المساهمة من موقع المواطنة في تعزيز اللحمة الوطنية وتدعيم أسس الوحدة وتقوية الديمقراطية التشاركية وترسيخ حرية الرأي والتعبير في حدود ثوابت الأمة المؤطرة بالدستور والقوانين ذات الصلة.

في الختام، عندما تقوم أحزابنا السياسية الوطنية بعمل وجيه فيه خدمة للدولة والمجتمع، يجب أن تكون لنا الشجاعة الاخلاقية لكي نشيد بعملها..

حزب الحركة الشعبية، يهذه المبادرة، يستحق الإشادة..

*عبد الواحد درويش| حقوقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *