برز خلاف حاد داخل الأغلبية الحكومية، حول تعديل القانون الجنائي، بعدما كان قد أعدت مسودة تعديله على عهد وزير العدل الاسبق مصطفى الرميد، قبل أن يتصدى الوزير الاتحادي في العدل لعدد من مقتضياته مدعوما بأصوات تقدمية وحداثية من داخل الاغلبية البرلمانية، وهيئات حقوقية مستقلة..

عن التعديلات المثير للجدل في مشروع القانون الجنائي، كالإثراء غير المشروع، والحرية الفردية والعلاقات الرضائية والبحث الجنائي في الجريمة، يدور حوار جريدة le12.ma مع الحقوقي والمحامي الأستاذ محمد احذاف.

 

حاوره : أحمد أبو بسمة 

 

هناك نقاش حقيقي داخل البرلمان فيما يخص مسودة القانون الجنائي ما رأيكم في هذا الجدال؟.

يظهر من النقاش الحالي لمشروع تعديل فصول من القانون الجنائي، المأزق الذي توجد فيه الأغلبية المناصرة للتحالف الحكومي، فبعد أن كان الطموح هو وضع قانون جنائي جديد يغير قانون 1962 تغييرا كاملا ، ويسمح بتنزيل مقتضيات الدستور الجديد ويأخذ بعين الاعتبار متغيرات واقع المجتمع المغربي و الالتزامات الدولية للمغرب، ثم يقطع مع سلوك ترقيع النصوص كما كان سائدا .

فالحكومة  قدمت مشروعا لتغيير قرابة ستين فصلا فقط، وهو مشروع لم يستحب لإنتظارات الحقوقيين، وبعد انطلاق النقاش ظهرت الخلافات حتى داخل الأغلبية في المؤسسة التشريعية حول مضمون ومدى التعديلات، وفيما بعد سيرتد الاختلاف إلى صفوف الحكومة نفسها، إذ دعا وزير العدل إلى إعادة النظر في المشروع ، ما يفسر أن الحكومة تفتقد إلى سياسة جنائية موحدة ومنسجمة .

الإثراء غير المشروع سبب تناقضا حقيقيا بين الحكومة والمعارضة كيف ترون ذلك؟.

السياسة الجنائية تتطلب منهجية منسجمة وفلسفة موحدة في التجريم والعقاب و التعامل مع الحقوق والحريات، ويظهر أن البعض بدافع “شعبوي”، انتخابي، يصر على التركيز على مقترح تجريم الإثراء غير المشروع ، للتغطية على حاجيات المغرب الأساسية لسياسة جنائية حديثة . والتي تتطلب تخليص المنظومة الجنائية من المقتضيات التي تكبل الحريات وتعيق التمتع بالحقوق .والتخفيف من عبء الاعتماد على العقاب التقليدي، الذي يثقل كاهل مؤسساتنا السجنية ،على حساب التدابير الوقائية والعقوبات البديلة، وإقرار أدوات العدالة التصالحية .

العلاقات الرضائية هي الأخرى فتحت الباب على مصراعيه بخصوص الشق الحقوقي ثم المسالة القانونية ما هو قولكم كحقوقيين؟.

تعتمد السياسات الجنائية الحديثة على رفع التجريم عن السلوكات غير العنيفة للمواطنين، وتقليص دائرة السلوكات المجرمة، والتخفيف من الاعتماد على العقاب، وتجنب الشدة في العقاب متى وجب.

وبالتالي وجب توفير وسائل جعل المؤسسة السجنية مؤسسة للإصلاح والتكوين وإعادة التأهيل، حتى لا تؤدي المؤسسة العقابية ضريبة فشل مؤسسات المجتمع الأخرى وتعوضها في أداء وظائفها ( كالتعليم ومؤسسات الشبيبة والمؤسسات الرياضية ومؤسسات الثقافة وغيرها ..).لهذا السبب ولغيره يجب آن تبقى العلاقات الرضائية بين البالغين خارج تخصص القانون الجنائي .

 الباب المتعلق بالإجهاض لا زال يثير نقاشا فقهيا ألا ترون انه قد يسبب إشكالا في المسالة الإجرائية؟.

المكتسبات الحقوقية للمرأة المغربية أصبحت تفرض احترام رغبتها ، وحقها في تنظيم ولاداتها، وحق التخلص من حمل غير مرغوب فيه .في العديد من الحالات : ومنه حالات الحمل الناجم عن الاغتصاب، وزنى المحارم ، والحمل المصاب بتشوهات بعد أن اصحب الطب كفيلا بتزويدها بمعرفة جيدة بطبيعة الأمشاج .

الا ترون أن المسطرة الجنائية معنية هي الأخرى بالتعديل في حال المصادقة على مشروع القانون الجنائي؟.

بالإضافة إلى قواعد التجريم والعقاب تهتم السياسة الجنائية بتنظيم عمل مؤسسات القضاء ومؤسسات البحث ومؤسسات قضاء العقوبة، وكل التدابير التي ترمي إلى معالجة اسباب ودوافع الجريمة وكذا الوقاية منها ، وتدابير مصاحبة الجانحين بعد إتمام عقوبتهم حتى إعادة إدماجهم مرة أخرى في المجتمع .

 لذلك لا يمكن تصور إصلاح في قواعد التجريم والعقاب (قواعد الموضوع ) دون أن يتم تكييف قواعد الشكل (المسطرة ) معها ، فالتغيير يجب أن يطال قانون المسطرة الجنائية كذلك .وفي هذا الباب يجب تغيير طرق البحث في الجريمة بإقرار حضور الدفاع مع المشبوه منذ لحظة إلقاء القبض وأثناء البحث التمهيدي، وتصوير وقائع البحث، واعتماد الأساليب العلمية في إثبات الجرائم بدل الإرتكان إلى انتزاع الاعتراف وغير ذالك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *