جواد مكرم

يبدو أن المثل المغربي قائلا:”من الخيمة خرج مايل”، ينطبق إلى حد كبير على التحضيرات الجارية للمؤتمر الوطني الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، خاصة مع توالي هبوب رياح الفضائح والطعون التي يرى مراقبون، لاشك أنها مقدمة لعاصفة قد تعصف بأركان مؤتمر ثاني قوة سياسية قبل حلول موعده.

مناسبة هذا الكلام، ليس إنهيار ما سمي بـ”المصالحة البامية” قبل أن يجف حبر التوقيع عليها، وليس ما أعقب ذلك من تصريحات خطيرة لمرشح الأمانة العامة عبد اللطيف وهبي، ولكن مياه “الخديعة” و”الكولسة”، والانقلاب على القانون و ضوابط الحياد..التي جرت تحت جسر الطريق نحو المؤتمر الرابع، المهدد بالتصدع…

 لقد سبق المؤتمر الصحفي، لسمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية، إجتماعات لأكثر من لجنة من اللجن الفرعية، كانت غالبيتها تنعقد بمن حضر، ماعدا لجنة فرز العضوية للمؤتمر ، التي عرفت إنزالات ومنزلقات.. وإذا عرف السبب بطل العجب..

لذلك لم يمر على إعلان إنتهاء عملية الانتدابات للمؤتمر، حتى تقاطر على الأمين العام للحزب حكيم بنشماش، ورئيس لجنة التحكيم والأخلاقيات، إدريس بلماحي، وكودار نفسه، طعون وشكايات.. تدين الانتدابات “المخدومة”، و الإقصاءات الممنهجة بحق عدد من المناضلات والمناضلين، بل إن كتابات محلية وجدت نفسها خارج التنافس الشريف على عضوية المؤتمر..

والحقيقة، كم كان مثيرا للإستفهام، أن يقفز سمير كودار في مؤتمره الصحفي، عن الجهر بالحقيقة، حول الفضائح التي تفجرت في الطريق إلى المؤتمر الرابع.. لقد بدا السيد كودار، ممارسا محترفا، لرياضة “التنقاز”، من خلال تحلله دون خجل من واجب الحياد الذي يطوق عنق رئيس لجنة تحضيرية، خاصة عندما نصب نفسه محاميا على مرشح منصب الأمانة العامة عبد اللطيف وهبي، في ما بات يعرف بقضية “التصريح الطائش وغير المسوؤل حول إمارة المؤمنين”..

كم كان حريا بالسيد كودرا بدل الانشغال بالمناورات والحسابات الصغيرة، أن يكشف لوسائل الإعلام، حقيقة تعسفه على المادة 41 من القانون الأساسي للحزب، التي تنص على وجوب توجيه الدعوة للمؤتمرين مرفوقة بجدول أعمال المؤتمر ومشاريع وثائق اللجان الفرعية 15 يوما قبل تاريخ انعقاد المؤتمر، وعجزه عن موافاة الأمانة العامة بذلك، باعتبارها المخول لها قانونا توجيه الدعوات واللوائح النهائية للمؤتمرين.

ومعلوم أن هذه اللوائح، لا يمكن المصادقة عليها إلا بعد توصل الأمانة العامة، بمحاضر انتداب المؤتمرين، والتأكد من استيفائها للشروط واحترامها للمساطر المتفق عليها، بالإضافة إلى البت في الطعون من طرف اللجنة الوطنية للأخلاقيات. فهل جرى إحترام ذلك السيد رئيس اللجنة التحضيرية؟.

أشك.

بالعودة إلى المعطيات التي تتوفر عليها جريدة LE12.MA، فإلى حدود اللحظة، التي تفصلها عن المؤتمر أيام معدودات، لم تتوصل الإدارة المركزية سوى بمحاضر معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة … فهل بهذه الوقائع والممارسات، تنشدون مؤتمر الوحدة؟.

 قد تقولون السيد الرئيس، أنكم شكلتكم، لجنة للنظر في الطعون، المقدر عددها بـ37 كتاب طعن، لكن بماذا تفسرون تنصيب نفسكم عضوا في هذه اللجنة؟ أليس ذلك خرقا صارخا لمبدأ الحياد؟.. ألا يعني ذلك أنكم والحالة هاته أصبحتم خصما وحكما في نفس الوقت؟. ألا يعني توجيه الأمين العام للحزب، رسالة إلى رئيس لجنة التحكيم والأخلاقيات يطلب فيها طبقا للقانون الأساسي والنظام الداخلي  للحزب، فحص ودراسة الطعون، عنوانا بارزا على فشلكم في ضمان السير العادي لتحضيرات المؤتمر، عبر الحرص على التطبيق الصارم للقانون، والتزام الحياد.. وعدم الانشغال بالمعارك الصغيرة، والابتعاد عن تبنى لغة “التشيار”.

أكاد أجزم، أن عمل جميع اللجن، الفرعية، المنبثقة عن لجنتكم، جانب الصواب، وافتقد الحكامة في التدبير والتداول الديمقراطي.. أما لجنة اللوجيستيك والاستقبال والإعلام والتواصل، التي يوجد على رأسها المكي الزيزي، مرشح الأمانة العامة بشعار”الوحدة والوفاء”، فتلك حكاية أخرى..

الحقيقة، لم يدع لنا ما قاله المناضل الحداثي الكبير، جمال الشيشاوي، بحق لجنة “زيزي”، ما نقوله حولها، شأنها شأن إحتقار وهبي، لجنة صياغة الورقة السياسية، عندما صرح بأنه سوف يتوجه إلى المؤتمر بوثيقة سياسية، ليرد جمال بالقول: “إذ تم إعتماد أي وثيقة سياسية خارج الأرضية السياسية الرسمية التي ستعرض خلال المؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، سنعلن عن تشكيل تيار سياسي رسمي داخل المؤتمر”.

 يحدث هذا.. بينما إختارت فاطمة المنصوري، رئيس المجلس الوطني، بخصوص ما يجري ويدور، “صمت القبور”، ..أما “منافسي” وهبي من باقي المرشحين، فهم يتابعون فضائح الطريق نحو المؤتمر وتصريحات “بوشيار”، كما لو على رأسهم طير.. فلا تكاد فلا تسمع لهم همسا ولا ِركزا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *