عبد الرحيم التوراني

تابعت، أمس ليلا، على القناة الجزائرية الرسمية “A3” لقاء الرئيس عبد المجيد تبون مع صحافيين يمثلون أجهزة إعلامية جزائرية مختلفة.

لن أعلق هنا على لغة الرئيس ورداء الأبوية الذي ارتداه، ولا على المكان والديكور الذي احتضن اللقاء، أو الإخراج التلفزي… الذي قدم به هذا اللقاء الصحافي، الأول في عهد الرئيس الجديد. لكني سأثير فقط ملحوظة أساسية، لعلها في وزن حكم قيمة، وهي أن السيد الرئيس عبد المجيد تبون لا يتمتع بكاريزما الزعامة، التي يريد أن يترك انطباعها زيفا لدى من يتابعه من الناس في الجزائر وفي المنطقة المغاربية والعربية عموما.

لذلك أظن أنه لن يتمكن مستقبلا من أن يقوم بالدور التاريخي المطلوب من زعيم حقيقيّ تنتظره شعوب المنطقة بكل أمل وشغف وتتطلع إليه، والمتمثل في التسريع بإنهاء الخلافات والنزاعات والمشاكل المصطنعة التي تعيشها بلدان المغرب العربي الكبير، وفي مقدمتها “قضية الصحراء الغربية”، المشكل الذي طال وعمّر كثيرا، بل أكثر مما ينبغي. 

إن السيد الرئيس عبد المجيد تبون، من خلال هذا اللقاء، ومن تصريحات سابقة له، أثبث أنه يفتقر إلى الرؤية الشمولية الخلاقة، التي من شأنها الإتيان بحلول ناجعة وفعّالة وصادقة، حلول ملائمة لبسط السلم وزرع التنمية ودعم سبل التعاون والأخوة بين الأشقاء والجيران، بدل إذكاء النعرات الصدئة والتفرقة والأحقاد بين الشعوب. 

لقد بيّن الرئيس الجزائري الجديد أنه لا يتكلم إلا لغة واحدة، لغة قديمة ينهل من قاموسها ومعجمها المهترئ ما لم يعد صالحا في عالم اليوم، هو قاموس يشي بكون مستعمله رهينة للحرس القديم، الحرس الذي دعمه بقوة وأتى به على رأس هرم السلطة في الجزائر. والجميع باتوا يعرفون أن مصالح الحرس القديم واستمراريته ترتبط بترسيخ الأزمة وتوسعة أسبابها المزمنة. 

لذلك أظنّ أن السيد الرئيس الرئيس تبون سيصعب عليه، مهما حاول، أن يصبح “هواري بومدين جديد”، إذ يعمد إلى الاستشهاد بالزعيم الراحل وتعظيمه بين جملة وأخرى. فذاك زمن ولّى.. وهذا زمن آخر… فلو بقي الراحل هواري بومدين على قيد الحياة حتى يومنا هذا لكانت له اختيارات ومنهجية مختلفة ولا شك ولكان بومدين آخر ليس من نعرفه، ويسعى عبد المجيد تبون الآن أن يلبس معطفه وسلهامه.

هو إرث لن ينفع، لو تدرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *