عبد الكريم برشيد*

مر علي بالأمس يوم لا يشبه سائر الأيام.. كنت في القطار عائدا وحدي من مدينة فاس إلى مدينة الدار البيضاء عندما كلّمني أخي النقيب عبد الرحيم ضرغام عن صحة أخينا العزيز الفنان والأديب والمناضل النقابي السي عبد القادر اعبابو. وحتى ذلك الوقت، كان كل شىء على ما يرام، ولكنْ بعد لحظات قليلة جدا، عاد من جديد ليتصل بي، وهو مختنق بالبكاء ويقول لي: لقد مات عبد القادر اعبابو!..

 يا الله، أتكون المعركة الملحمية مع  المرض ومع الموت قد انتهت أخيرا لصالحهما؟ ومن يمكن أن يقاوم المرض والموت إلا بطل أسطوريُ وملحمي من طينة الفنان والإنسان عبد القادر اعبابو؟

لا أظن أن أحدا غير عبد القادر اعبابو قد قاوم المرض مثله، فقد عاش المرض وتعايش معه ولبسه، على امتداد عقود طويلة جدا، وقد كان دائما واقفا ومبتسما وضاحكا وحاضرا حيث ينبغي أن يكون؛ وكأنه بألف صحة وبألف عافية. وفعلا، فإن صحته النفسية والروحية والفكرية قد كانت دائما بألف خير..

أخي السي عبد القادر اعبابو، إن من حق المحارب المسرحي الذي يسكنك أن يرتاح أخيرا. ومن حقك انت أن تفتخر بسيرتك ومسارك، لأنك عشت كريما ولأنك متّ كريما ولأنك ما رافقتَ في مسيرتك الوجودية والفكرية والإبداعية إلا الكرماء من أمثالك. فنم قرير العين ودع للتاريخ أن يقول كلمته الصادقة فيك.

أفكر الآن في أسرتك الصغيرة، وخصوصا ابنتك التي تحمل شيئا من روحك ومن أفكارك ومن عشقك الصوفي للمسرح. لكل الأسرة الكريمة أتقدم بجميل العزاء ولرفاقك المناضلين في نقابة المسرحيين ولكل الفنانين والمثقفين الذين أحبّوك لفنك ولأخلاقك ولنضاليتك الصادقة.

رحمك الله أخي وصديقي ورفيقي في المسيرة الفكرية والإبداعية والنقابية، الإنسان والفنان الجميل والنبيل عبد القادر اعبابو.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

***

*رائد المسرح الاحتفالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *