تقرير: جمال أزضوض

تصوير: محمد سولامي

 

قصته ليست فيلما هنديا من وحي الخيال والصراع بين الحق ضد الباطل، وليس كابوسا سرعان ما تخلص منه مع طلوع شمس يوم جديد، ولكنها حقيقة تدمي القلب وتُسائل الدولة والمجتمع حول مواطن مغربي أمازيغي ضاعت حياته وتشردت أسرته بجرة قلم حكم ظالم وشهادة شاهد كاذب وحرقة “باطل” رمى به في غياهب سجون المملكة أزيدَ من 10 سنوات.. والتهمة قتل راع، والحقيقة تشابُه في الأسماء بين المظلوم والقاتل الحقيقي.. قبل أن تنصفه السنوات وتظهر الحقيقة من داخل سجن ورزازات، حيث التقى القاتل الحقيقيَ وجها لوجه.

تعود قصة الحسين، ابن مدينة ورزازات والقاطن بمدينة أكادير، إلى أزيد من عشرين سنة، حين كان يمتهن النقل السرّي في شوارع وأحياء سوس. وذات يوم، ستصل مصالح الدرك الملكي إلى منزل عائلة الحسين في ورزازات بحثا عن شخص متهم بالقتل في شجار نشب بين عدد من الرعاة الرّحل في منطقة تُدعى “أورير”، بين دمنات وورزازات.

الشخص المتّهم في هذه القضية يُدعى “الحسين”، وستُخبر والدة المتحدّث إلى “le12.ma” بأن في العائلة أخوين يُدعيان بهذا الاسم وهما (الحسين الصغير والحسين الكبير) غير أن صاحب الاسم الأصلي، تقول الأم لعناصر الدرك الملكي، هو القاطن بمدينة أكادير، وهو متزوّج وأب لطفل.

“يقال ما تديرش ما تخافش، ولكن “صدْق العكس”، بهذه العبارة، يقول الحسين إنه تم اعتقاله من قبَل أمن مدينة أكادير قصد تسليمه للتحقيق معه من درك دمنات وإحالته بعد ذلك على قاضي التحقيق، الذي سيُواجهه بدوره مع “شاهد” كان، حسب الحسين، السبب في تمضيته عشر سنوات سجنا نافذا..

“أكد” شاهد الزور لقاضي التحقيق أنه تعرّف على الحسين وأنه كان حاضرا في الشجار بين الرعاة، الذي أفضى إلى وفاة أحدهم بعد أن دخل في غيبوبة دامت أياما، قبل أن يلفظ أنفاسه داخل المستشفى.

وقال الحسين، في تصريحه لـ “le12.ma”، إنه لم تربطه أية علاقة بالرعاة المعنيين أو حتى بالرعي، مشيرا إلى أنه كان يمتهن النقل السرّي في مدينة أكادير ولا يزور مسقط رأسه ورزازات إلا نادرا، في عطلة فصل الصيف، رفقة عائلته الصغيرة.

وفي إفادة ظل يكرّرها خلال تصريحه إلينا، أكد الحسين أن قضيته لم تخضع للتحقيق، مشيرا إلى أن سجنه طوال تلك السنوات كان “ظلما”، مشيرا إلى أن زملائه الممتهنين للنقل السرّي في أكادير شهدوا لصالحه وأفادوا بأنه في يوم “واقعة أورير” كان الحسين رفقتهم.

وتابع الحسين أنه في 2015، ستشهد قضيته أخيراً انفراجا، (بعد تمضيته عشر سنوات سجناً، بحكم استئنافي بثمانية عشر سنة نافذة وبعد حكم ابتدائي في حقه بعشرين سنة سجنا نافذا) بعد خوضه عدة إضرابات عن الطعام في كل من سجون بني ملال وأيت ملول ومُرّاكش وسطات وورزازات، إذ فُتح ملفه مرة أخرى، ليتم على إثر ذلك إلقاء القبض على الرعاة المتورّطين الحقيقيين في الشجار الذي أدى إلى مقتل أحدهم.

الحسين، وهو يحاول سرد “معاناته” داخل السّجون التي مرّ بها طيلة فترة سجنه، وبُعده عن زوجته، التي كانت حاملاً في شهرها السادس يوم إيقافه، وابنه، الذي وجده يتعاطى المخدّرات بعد الإفراج عنه، بسبب عدم السّهر على تربيته كما يجب، في الوقت الذي كانت زوجته تشتغل في أحد المعامل لتأمين قوت عيشهم. يقول “أنا بْغيت غير يحيّدو لي لُوسخ من الملفّ ديالي، أنا ما درت لا بيديّ لا برجليّ”، مطالبا بإنصافه، بمنحه شهادة حسن السيرة التي تثبت براءته بعد أن اثبنجتها حكم قضائي لصالحه. كما طالب بمنحه رخصة سياقة سيارة أجرة ليتمكّن من تأمين قوت يومه رفقة عائلته.

تابعوا القصة المؤلمة على لسان صاحبها، بالصوت والصورة والوجه المكشوف..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *