الرباط- جمال بورفيسي

عاد الجدل، مجددا، حول قضية الحكامة في تدبير العديد من المؤسسات، ومنها المكتب الوطني للسكك الحديدية، بعد فاجعة بوقنادل (الثلاثاء 16 أكتوبر 2019) التي أزهقت أرواح (سبعة) أشخاص كانوا على متن “قطار الموت” الرابط بين الدار البيضاء والقنيطرة. ورافقت هذا الجدل تساؤلات حول حقيقة تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مع تنامي المؤشرات حول تزايد الاختلالات في تدبير القطاع السككي في المغرب. لكن قبل ذلك دعونا نتعرف على الحقائق الصادمة التي سبق أن عرى عنها تقرير رسمي للمجلس الاعلى للحسابات حول تدبير القطاع السككي بالمغرب قبل وقوع كارثة بوقنادل بثلاثة سنوات وأشهر.. التفاصيل في تحقيق le12.ma..

#اختلالات_رصدها_جطو

قبل ثلاثة أعوام وأشهر، سجل المجلس الأعلى للحسابات عدة اختلالات في تدبير المكتب الوطني للسكك الحديدية، الذي يديره محمد ربيع الخليع منذ 14 عاما (2004) تخص “تقادم العربات ونقصا في الصيانة وعدم احترام مواعد الفحوص والمراجعات المحددة وفق معايير صيانة المعدات المتحركة”.

ودعا التقرير الذي أصدره المجلس إلى تعميم عملية الصيانة لتشمل جميع الآلات التي تتعرض للغبار والقيام بحملات تهدف تحسيس المستخدمين المعنيين للسيطرة على الحوادث الناجمة عن الحمولة الزائدة، مع ما يرافق ذلك من تأثير على الفرامل، على اعتبار أن سبب مثل هذه الحوادث يعود إلى الخطأ البشري.

ورصد تقرير جطو “تقادم جزء كبير من العربات المكونة للحظيرة، إذ أنه في 2015، كان عمر 47% من القاطرات الكهربائية يتراوح بين 30 و38 سنة، فيما كان عمر 53% من قاطرات الخط ذات محرك الدييزل يتراوح بين 40 و47 سنة. كما كان عمر 43%من قاطرات الدييزل للمناورة يتراوح ما بين 31 و42 عاما.

وسجل التقرير “تزايد نفقات الصيانة، بسبب تقادم بعض المعدّات من جهة، وبسبب ارتفاع نفقات الصيانة بشكل أكبر بالنسبة للجيل الجديد من الآلات من جهة أخرى. فقد انتقل مجموع نفقات الصيانة من حوالي 295 مليون درهم في 2010 إلى ما يناهز 422 مليون درهم في 2015″.

ولاحظ التقرير أنه جرى تخصيص حصة كبيرة من النفقات للصيانة الإصلاحية التي تتكون من عمليات معالجة الأعطاب التي لحقت بالآلات بسبب مختلف الحوادث والحوادث الخطيرة وأعمال التخريب. ففي 2015، بلغت تكلفة الإصلاح 31% من التكلفة الإجمالية لصيانة المعدات المتحركة. وارتفعت هذه التكلفة بنسبة 55% بين عامي 2010 و2015، منتقلة بذلك من 85,88 مليون درهم إلى 132,98 مليون درهم.

#المختبرَ_ العمومي _للتجارب

وكلف المكتب الوطني للسكك الحديدية، في 2010، المختبرَ العمومي للتجارب والدراسات بمهمة القيام بمراجعة شاملة وتقييم مفصل لجودة 478 جسرا التي يتجاوز طولها 5 أمتار. ورغم أن المختبر اعتبر، منذ 3 يونيو 2011، أن أوضاع 11 عشر جسرا مثيرة للقلق، فإن المكتب الوطني للسكك الحديدية انتظر حتى نهاية مارس 2015 لإقرار التدابير التي يجب اتخاذها…

وأوصى تقرير جطو بـ”إعداد مخطط عمل خاص للحد من العدد المرتفع للحوادث المرتبطة بفرامل العربات واحترام الحد الأقصى لحمولة العربة والتأكد من أن الوزن الكلي المتضمن لوزن الحمولة لا يتجاوز طاقة تحمل السكة”.

#الخليع_والاساليب_المتجاوزة

وعلى مستوى تدبير البنيات التحتية والمعدات السككية، رصد المجلس الأعلى للحسابات تعدد الأنظمة المرجعية التي تخضع لها البنيات التحتية من حيث المراجع المؤطرة للتدبير. ومن نتائج ذلك تناول الجوانب نفسها من تدبير البنيات التحتية من قبَل عدة أنظمة مراجع.

وسجل المصدر نفسه عدم تعميم التدبير الرقمي للبنيات التحتية.

ورصد التقرير اعتماد “أساليب متجاوزة” في الصيانة، إذ سجل “استمرار برمجة يدوية للصيانة وعدم تعميم رقمنة التدبير”، وانتقد البرمجة اليدوية للصيانة التي يتعين القيام بها على أساس جولات استكشاف تتم مشيا على الأقدام، وكذا على تسجيلات لمختلف أجهزة القياس التي تقيس المتغيرات المتعلقة بهندسة الخط السككي وهندسة حبال تزويد القاطرات بالكهرباء.

وانتقد التقرير تأخر القطارات بسبب الحوادث المتعلقة بمكونات البنيات التحتية، مسجلا “ارتفاعا حادا في عدد الحوادث المتعلقة بالسكك الحديدية 2011، إذ وقعت 102 حادثة ناتجة عن ارتفاع كبير في تقطع اللحامات وانكسار السكة الحديدية، أي بنسبة ارتفاع أكثر من 150%. وقد عرفت هذه الحوادث زيادة طفيفة ما بين سنتي 2013 و2014 وانخفضت إلى 58% في 2015.

وتجدر الإشارة إلى أن للحوادث ذات العلاقة بالبنية التحتية انعكاسا سلبيا على مخطط النقل، خاصة على انتظام القطارات. وبالفعل، فإن المعدل السنوي لمجموع فترات تأخر قطارات المسافرين المسجلة خلال الفترة 2010 -2015 بلغ 19.646 دقيقة، و6.457 دقيقة بالنسبة لقطارات الشحن.

# قصور تدبير مواد الصيانة

إلى ذلك، رصد تقرير المجلس الأعلى للحسابات “قصورا في تدبير مواد الصيانة”، إذ أن “التوقعات المتعلقة بهذا الجانب غير مضبوطة بالشكل الكافي. فعلى سبيل المثال، نجد أن 47% من المواد المستهلكة لم تكن واردة ضمن المواد المتوقعة في 2012، فيما بلغت هذه النسبة 52% في 2014.

ويتمخض عن هذا العجز في التوقع إكراهات على مستوى الميزانية لتغطية النفقات غير المتوقعة. كما يخلق، أساسا، مشاكل تهمّ التحضير القبلي للطلبيات من أجل تلبية حاجيات الهيئات من المواد المعنية في ظروف جيدة.

ورصد المصدر المذكور “عدم التنفيذ الكلي للبرنامج السنوي المتعلق بصيانة المعدات”، إذ لوحظ أن “جزءا كبيرا من برنامج صيانة المعدات ذات محرك الديزل والمعدات المقطورة لم يتم تنفيذه ما بين 2010 و2015. وقد بلغت نسبة هذا الجزء 25 في المائة من برنامج الصيانة لسنة 2015.

#الفاجعة تناقش_البرلمان

بعد فاجعة الثلاثاء الاسود، اتهمت زهور الوهابي، النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدة بالاستخفاف بالملحوظات والتوصيات التي سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن سجلها في 2015، لافتة النظر إلى تقصير المكتب في التعامل الجدي مع ملحوظات قضاة المجلس الأعلى للحسابات، ومعتبرة “هذا الاستخفاف أحدَ الأسباب الرئيسية في وقوع الحادث الأليم، الذي أودى بحياة سبعة أشخاص وإصابة العشرات، إثر انقلاب القطار”.

وتساءلت النائبة البرلمانية عما إذا كان التحقيق الذي باشرته العدالة سيذهب إلى أبعد مدى ويحدد المسؤوليات، مع ترتيب الآثار، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة.

 #اليحياوي_يفضح_العثماني

العثماني يقول اليوم، بخصوص فاجعة بوقنادل: ” إن “القضاء يباشر…التحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية للحادث، وتحديد المسؤوليات إذا اقتضى الحال”…ما معنى “إذا اقتضى الحال”؟…يعني عمليا أن تحديد المسؤوليات أمر شبه مستبعد…هذا كلام مردود عليه: تحديد المسؤوليات من مقتضيات الحال…لا بل هو الحال نفسه…فالخطب جلل ولا بد أن يكون ثمة مسؤول يؤدي فاتورة ما جرى…ثانيا، أقول للسي العثماني: ماذا بعد تحديد المسؤوليات؟ لو ثبت بأن لخليع هو المسؤول عن الفاجعة، ماذا عساك تفعل؟ هل تستطيع أن تقيله مثلا؟ هل تستطيع أن تحيل ملفه على القضاء؟…أعلم أنك لا تستطيع أن تجيب…لذلك، أقول لك: “سير تكمش”.”…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات