يونس التايب

لقد قاموا بعمل احترافي هذه الليلة، و الأيام القليلة التي سبقت رأس السنة، و تمت تغطية شاملة لكل المناطق التي كان يمكن فيها تعكير صفو أمن الناس وطمأنينتهم… و مرت الليلة بأمان و سلام.

قد يقول قائل “دارو شغلهم فقط!”. نعم، و نحن لا نبحث إلا عمن عليهم أنهم “يديرو شغلهم بإخلاص، في هذا البلد!”. لا أقل و لا أكثر.

ولأن أجهزة الأمن الوطني، بكل فروعها وتشكيلاتها، قامت بعملها كما يجب، فعلينا لها تحية صادقة وشكر، وتقدير وثناء كبير على عمل عناصرها، ضمن ما يبدو أنه ثمرة الاستراتيجية الجديدة المعتمدة والاحترافية التي يتسم بها آداءها منذ مدة، والتي تساهم بحمد الله في المحافظة على رصيد الأمن العام، والأمن العمومي، في مستويات محترمة مقارنة بالمعايير الدولة.

هي مناسبة للقول بأن على قطاعات أخرى، هي أيضا، أن تنهض بمهامها في مجال الإدماج الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي، خصوصا للشباب، حتى نستطيع ضبط الأمن في مفهومه الاستراتيجي الواسع.

وعلينا أن نستحضر أن ذلك المفهوم الاستراتيجي يفرض علينا أن نذكر “البعض” بأنه ليس من بين مهام أجهزة الأمن، في بلادنا كما في العالم، الاشتغال على التنمية الاجتماعية، وعلى التنشيط الثقافي والفني في الأحياء الفقيرة والمجالات العمرانية الهامشية والمكتظة بالسكان، ودعم الأنشطة الرياضية والثقافية، و تمويل المشاريع المدرة للدخل، و توفير ملاعب القرب أو تجهيز الثانويات بفضاءات للاستماع والإنصات والمواكبة للشباب والشابات المتمدرسين الذي يعانون صعوبات اجتماعية ونفسية، و تنظيم حملات طبية في الأحياء الفقيرة، و تنظيم أنشطة ترفيهية للأمهات … إلخ. كما أنه ليس من أدوار أجهزة الأمن توفير الرعاية الطبية والنفسية لضحايا المخدرات، و إنما عليها مسؤولية محاربة شبكات الاتجار فيها و في البشر.

ونذكر، أيضا، أن الأمن بمفهومه الاستراتيجي، خصوصا منه الشق المرتبط بمواجهة الجنوح و الإجرام و الانحراف، سيبقى هشا طالما استمرت القطاعات العمومية المختصة، التي من المفروض أن من مهامها تأطير مثل تلك البرامج والأنشطة التنموية المذكورة أعلاه، غير قادرة على الإحاطة بالمجالات الجغرافية المحتاجة لتدخلاتها، و غير قادرة على بلورة أشكال جديدة من الخدمات، و غير عارفة بإحصائيات واحتياجات من يسكن في المجالات الفقيرة من المواطنين المستحقين لتلك الخدمات.

وسيظل رجال الأمن مضطرين لتدبير مواقف خطيرة، دون أن تكون تلك المواقف الخطيرة حتمية الحدوث بالضرورة لو تمت معالجة الظواهر الاجتماعية المستشرية، و سببها الرئيسي هو التهميش والبؤس الاجتماعي، قبل أن تتفجر إلى حالات عنف واعتداء، تطال المواطنين العاديين، كما يمكن أن تطال رجال الأمن كذلك عندما يتصدون لها.

لا زالت فرص نهضة وطننا المغرب كبيرة و الطريق إلى الإقلاع الشامل  متاح بالعمل الجاد وبربط المسؤولية بالمحاسبة، والرهان على الكفاءة و الاستحقاق قبل أي شيء، و التشبت بالقانون، واحترام هيبة الدولة  و تقوية الثقة في الشباب المغربي و إطلاق طاقاتهم وقبول حقهم في التعبير الحر ضمن توابث الأمة المغربية، و تشجيع الاستثمار و تحديث التدبير العمومي.

لذلك، علينا أن نعمل أكثر من أجل تطوير الذات، و أن نشجع دينامية الإصلاح، و نتشبت بالأمل و نفتخر ببلادنا بكل يقين و قوة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *