إعداد: ع. الرزاق بوتمزار

 

في الشهر الأخير فقط من 2019، التي ستختفي من “اليومية” بعد أيام، غادرَنا العديد منهم بشهرة طبقت الآفاق، وإن تقاطعت مجالات اشتغالهم واهتماماتهم.. نجوم ومشاهير، عالميون وعرب وأفارقة، غادروا حياتنا إلى غير رجعة، مترجّلين عن صهوات الكتابة والتمثيل والغناء. غيّبهم الموت، وإن ظلّت أسماؤهم محفورة في قلوب جماهيرهم وعشّاقهم ومريديهم.

بعد أن انتهينا من إعداد هذه الورقة، التي توقّفنا فيها عند أهمّ “الخسارات” التي شهدتها هذه السنة، نزل علينا خبر رحيل قيدوم الصحافيين المغاربة، مصطفى العلوي.. وكأنّ السنة لا تريد أن تتوقّف عن النبض قبل أن توقف نبض أكبر عدد ممكن ممّن نحبّ. 

 العلوي. القيدوم يترجّل عن صهوة الحقيقة

وافت المنية، إذن، صباح السبت الأخير فقط، قيدوم الصحافيين المغاربة ومدير نشر مجلة “الأسبوع الصحافي”، الذي شكّل سنوات طويلة عمودا ثابتا من أعمدة الصحافة المكتوبة في المغرب وواحدة من ركائزها الأساسية.

اشتغل الراحل، الذي وُلد في 1936 في فاس، موظفا في وزارة التربیة الوطنیة، قبل أن یقرر احتراف الصحافة، التي عمل فیھا عقودا طويلة، عاصر خلالھا أجیالا من ممتهني “مهنة المتاعب”. 

شغل العلوي، سنوات، منصب رئیس تحریر جریدة ”الأسبوع الصحفي“، التي اشتھر من خلالھا بعموده ”الحقیقة الضائعة“.

وإلى جانب أخذه بأيدي كثيرين وتعليمهم أصولَ وقواعد مهنة ما فتئت تأكل أيامها، خصوصا في عصرها الإلكتروني، يعدّ الراحل واحدا من أوائل الصحافيين الذين شجّعوا، في ستينيات القرن الماضي، رسامي الكاريكاتير المغاربة على النشر، بل كان، أحيانا، يُفرد الصفحة الأولى ليومية “أخبار الدنيا” كاملة للكاريكاتير.

محسن أخريف. شهيد الأدب في عيد الكتاب

كان واحدا من أبشع فجائع 2019 فقدانُ شاعر ومبدع جميل في شخص محسن أخريف، الذي خطفه منّا موتُ الإهمال والعشوائية بطريقة مأساوية هي آخر ما يمكن أن يتصوّر المرء أنه يمكن أن يقتل أديبا أو شاعرا. لقد مات الراحل محسن أخريف بعد أن صعقه تماسّ كهربائي في “ميكروفون” لعين وهو يلقي كلمة

في “عيد الكتاب” في تطوان.. يا لسخرية الأقدار! شاعرٌ يصعقه ميكروفون بليد وهو يحتفي بالكتاب ويشجّع على القراءة!

هكذا رحل محسن أخريف عن دنيانا، بلا رجعة، مساء مساء “الأحد الأسود” (21 أبريل 2019) مخلفا صدمة قوية في صفوف الأدباء المغاربة.

ويعدّ الرّاحل (40 سنة، مواليد العرائش) الحاصل على الدكتوراه في الآداب، واحدا من الأصوات الشعرية والأدبية التي أغنت الساحة الثقافية المغربية بإصدارات متميزة، على قلتها، وواحدا ممّن وسَموا الشعر المغربي، خصوصا في منطقة الشمال، ببصمة تجديدية تمتح من عمق الانتماء إلى تجربة الحداثة الشعرية المجددة والمنشغلة بسؤال الهمّ المشترك.

أمينة رشيد.. رحيل نحلة الفن المغربي 

في أواخر غشت الماضي وصل الخبر الفاجعة: أمينة رشيد في ذمة الله. بعد عامين فقط من رحيل رفيق دربها، في الحياة وفي الفن، الراحل عبد الله شقرون، أسلمت رشيد الروح لباريها عن سن ناهزت الثالثة والثمانين. 

قضت الراحلة أمينة رشيد (جميلة بن عمر) أشهر الممثلات المغربيات وإحدى فنانات الجيل الأول، التي اقتحمت المجال الفنّي في الوقت الذي كان الميدان لا يزال حكرا على الرجال؛ إلى الحد الذي كان هؤلاء يضطرّون إلى أن يجسّدوا بأنفسهم أدوارا “نسائية” وكان التمثيل، حتى بالنسبة إليهم “حْشومة وْعار”، فما بالكم بالنساء.. في تلك الظروف، إذن، اقتحمت أمينة رشيد عالم التمثيل وأجادت الدور تلو الآخر، مكرّسة اسمها واحدة من ألمع الفنانات.

استطاعت أمينة رشيد، ابنة الرباط، في مختلف خشبات العرض المسرحي وأستوديوهات الإذاعة والتلفزيون، أن تربط علاقة خاصة مع الجماهير المغربية، إذ ظلت الشخصيات التي أدّت عالقة في أذهان المشاهدين. ولعلّ واحدا من أشهر هذه الشخصيات تلك التي تقمّصت في فيلم “فيها الملحة والسكر وما بغاتش تموت” (2000) الذي أخرجه حكيم النوري.

في مجال الإذاعة فقط جمعت الراحلة سجلّا حافلا من الأعمال الفنية قُدّرت بـ3 آلاف عمل، ما بين مسرحيات ومسلسلات، فيما ناهزت أعمالها في التلفزيون الـ600 ظهور.

وكان أحد أشهر أعمالها “لالة حبي” (1996) وأخرجه عبد الرحمان التازي و”ملائكة الشيطان” (2007) من إخراج أحمد بولان وفيلم “البحث عن زوج إمرأتي” (1993) الذي أخرجه عبد الرحمان التازي.

عزيز موهوب.. رحيل موهوب الشاشة المغربية

في ثالث مارس 2019، انطفأ قنديل “موهوب” التمثيل في المغرب. توقّف نبض عزيز موهوب في أحد مستشفيات الرباط عن عمر ناهز 80 عاما، قضى معظمها فوق الخشبات وخلّف الكاميرات، معلناً نفسه واحدا من الممثلين الرواد في المغرب.

من التلفزيون، إلى السينما، فالمسرح قدّم موهوب أعمالا كثيرة، أبرزها “من دار لدار” و”الثمن” و”خط الرجعة”.

رغم أنه نشأ يتيم الأبوين وكفله خاله مع إخوته الثلاثة، فإن ذلك لم يمنعه من بصم تاريخ حافل بعد مسار بدأه وهو في الثامنة عشرة بعد أن التحق بمدرسة التمثيل في الرباط. وممّن جاوَر في تلك الفترة فاطمة بنمزيان وعبد الله العمراني ومحمد الحبشي. 

وخلّف “موهوب” الساحة الفنية المغربية وراءه سجلّا حافلا بالعطاءات المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، في مسيرة فنية ناهز 60 عاما.

نجح عزيز موهوب، من خلال إطلالاته من الشاشة الصغيرة في مسلسلات من قبيل “من دار لدار”، “الساس”، و”شجرة الزاوية” ومسرحياته مع فرقة “المسرح الوطني” في أن يصير وجها مألوفا للمغاربة.

حسن ميكري.. رحيل فنّان متعدد 

يوم 14 يوليوز 2019 غادر أحد رواد الأغنية المغربية المعاصرة الحياة. وضع حسن ميگري قيتارته جانبا وأسلم الروح، وقد خلّف إرثا موسيقياً بنفَس مُجدِّد. 

في بداية عقد ستينيات القرن الماضي، أسّس، حسن رفقة شقيقه محمود، مجموعة “الإخوان ميكري”، ثم التحق بهما، في ما بعد شقيقهما يونس وشقيقتهما جليلة.

وكما “ليلي طْويل” كان الدّرب طويلا استطاعت في نهايته هذه المجموعة الموسيقية ان تنتقل بأنغامِها “المعاصرة” من وجدة إلى باريس، مُعتَلية مسرح “الأولمبيا”، الذي يغنّي فيه أشهر الفنانين العالميين.

عن 77 سنة رحل، إذن، مؤسس تجربة ميگري الرائدة مخلّفا امتد، بعد الغناء والتلحين، إلى تعبيرات فنية أخرى، منها التشكيل.

شكّل حسن مجموعة الإخوان ميگري في 1954، بعدما أن أهداه والده الرسام وموسيقار طرب الآلة، محمد ميكري، قيتارة، بمناسبة بعد أن فاز بالمرتبة الأولى في مسابقة للفنون التشكيلية على الصعيد الإفريقي.

وفقط في نهاية الخمسينيات، بدأت فعليا رحلة “الإخوان ميكري” بعدما  التحق به أخوه محمود، ثم جليلة (مطلع الستينيات) وأخيرا أخوهم الأصغر يونس ميكري، الذي صار لاحقا من الموسيقيين والممثلين البارزين في الساحة الفنية المغربية.

بعدما تفرّقت سبل الفن بلإخوَة ميكري، أسّسَ الراحل حسن ميكري “المجلس الوطني للموسيقى”، الذي حصل على عضوية المجلس العالمي للموسيقى التابع لـ”يونسكو” في باريس.

وإلى جانب الموسيقى، التي أبدع الإخوة ميگري، بقيادة شقيقهم الأكبر، في تكريس “نعمتهم” الخاصة بهم في مجال الأغنية المغربية العصرية، كان  المجال الإبداعي الأول لحسن ميگري هو التشكيلُ والخطّ. وأبدع في هذين المجالين أعمالا تشهد بتفرّد وخصوصية لا يتملّكهما إلا الموهوبون.

دعم الراحل حسن ميگري مختلف ألوان الإبداع، من السينما، إلى المسرحِ، فالتشكيل في “مهرجان صيف “لوْداية”، الذي ظلّ يديره سنوات عديدة.

وانفتح الراحل ميگري، هجخلال مسيرته الفنية على مختلف صور الإبداع، ما قاده إلى كلّ أنحاء العالم، فناناً متعاونا مع كبار الفنانين العالميين، أمثال شارل أزنافور، الذي شاركه عملا فنيا راقيا، إلى جانب غيره من مشاهير الغناء والفن في العالم.

دعم ميگري، أيضا، المبدعين الشباب وعرّف أجيالا من المغاربة بالموسيقى العصرية، ناقلاً مشعل الإبداع إلى “الشباب”، ومنهم أفراد من عائلته، الذين نقشوا اسم “آل ميكري” في ريبرطوار الفن والإبداع المغربي، العربي، بل والعالمي.

عبد الله العمراني.. كبير يرحل في صمت

بعد مسيرة فنية ثرية، رحل الفنان محمد العمراني إلى دار البقاء يوم 14 ماي 2019، مترجّلا، في صمت الكبار، عن صهوة الفن والحياة معا.

وُلد عبد الله العمراني في مراكش في 1941 والتحق بمدرسة التمثيل للأبحاث المسرحية وعمره 18 سنة ودرس فيها ثلاث سنوات، صقل خلالها موهبته في التشخيص وهو يتعلم الوقوف على الركح، متشرّبا مختلف أساليب التعبير والتواصل مع جماهير المسرح والتمثيل.

بعد تخرّجه مباشرة سيلتحق بالفرقة الوطنية للمسرح، التي أُسست في 1952 وجمعت كبار الفنانين المسرحيين. وشارك الراحل العمراني في العديد من الأعمال المسرحية والمهرجانات الوطنية والدولية وراكم رصيدا فنيا غني بأعمال فنية قوبلت بحفاوة كبيرة، لعل أشهرها و”نهاية سعيدة” و”أصدقاء الأمس” و”طيف نزار” و” نساء… ونساء” و”رجل البحر”.

ويعد العمراني أحد أبرز الوجوه الفنية المغربية وأحد رواد الشاشة والمسرح. وأغنى المشهد السينمائي المغربي بمجموعة من الأعمال التي لاقت نجاحا كبيرا من بينها “طيف نزار”، “أصدقاء الأمس”، و”نساء.. ونساء”، و”نهاية سعيدة”.

كما شارك الراحل في العديد من الأعمال العربية والأجنبية مثل، “مواكب النصر” للمخرج المصري أحمد خيضر، ومسلسل “صقر قريش” للمخرج السوري حاتم علي و”يسوع الناصري” (1977) لفرانكو زيفيريللي و”عودة الفرس الأسود” (1982).

رغم كل ذلك، عاش عبد الله العمراني وضعا صحيا صعبًا بعيدا عن “الأضواء”، قبَل وفاته، كما حدث في مرات سابقة عانى فيها من المرض.

وبحسب المقربين من الراحل العمراني، فقد كان وضعه يحتاج إلى تدخل من قبل القطاع الوصي على الثقافة والنقابات الفنية، الكفيلة بإسماع صوته والكشف عن حاجياته، لكنْ.. قدّر الله وما شاء فعل.

المحجوب الراجي.. وسكتَ ذو الصوت المحبوب

في 17 من أبريل 2019 سكتَ الصّوت المحبوب الذي يعرفه كل المغاربة حتى دون أن يظهر صاحبه في “الصورة”. المحجوب الراجي، الصوت الجهوريّ، ذو القوة والنّغمة المسرحية في آن، يفارق في مستشفى الشيخ زايد في الرباط، وهو على مشارف الثمانينات من عمره، الذي قضى جلّه فوق خشبات المسرح وأستوديوهات التمثيل والأداء الإذاعي.

شارك الراحل العمراني في عدد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية، التي حققت نجاحا جماهيريا كبيرا، أشهرها مسلسل “من دار لدار” والمسلسل الكوميدي “نسيب الحاج عزوز” وفيلم ”علال القلدة” و”السمفونية المغربية” و”هنا ولهيه”.

محمد اللوز.. وفاة مؤسس تگادّة

قبَل شهرين، وتحديدا فجر 23 أكتوبر 2019، فارق محمد اللوز، أحد مؤسسي مجموعة “تكادة”، الحياة، بعد معاناة مريرة مع مرض السرطان الخبيث، الذي أصابه وألزمه الفراش.

وكان الفنان الراحل قد تنقّل بين مجموعة من المستشفيات طلبا للاستشفاء من الداء الخبيث، الذي تمكّن منه في النهاية، ليسلم الروح لباريها.

وُلد محمد اللوز في 1955 في مدينة الدار البيضاء، وبالضبط حي درب الكبير في عمالة درب السلطان.

كان محمد اللوز أحد أبرز الأسماء الشعبية التي تألقت رفقة المجموعات الغنائية. وبدأ الراحل مساره الفني مطلع سبعينيات القرن الماضي مع مجموعة “الجواد” إلى غاية 1975، وقد برز حضوره في المشهد الغنائي الشعبي. فالتحق بتجربة مجموعة “تكادة”، رفقة مؤسسيها الروادني وعمر دخوش والشريف الصويري وعبد الجليل بلكبير وبوشعيب فتاش.

والتزم الراحل اللوز مع مجموعة “تكادة” سنوات طويلة، إذ قضى معها 16 عاما.

زاول الراحل اللوز، الذي حصل على الرتبة الثالثة في مهرجان الإيقاع الدولي في الهند في 1987، المسرح مع مجموعة “تكادة”، التي كان من أبرز أعمالها المسرحية “عبو والريح” و”حلوف كرموس”، التي لعب فيها شخصيتين. كما كان له حضور في مسلسلات تلفزيونية، ممثلا ومعدا للجينيريك.

في مطلع تسعينيات القرن الماضي، انفصل الراحل اللوز عن مجموعة “تكادة” وأسس فرقته الخاصة “مجموعة اللوز” وتوزّع عمله بين مجموعته وفرق ومجموعات أخرى، في الغناء والمسرح، إذ شارك مع “مسرح الحي” في مسرحية “شرح ملح”، و”مسرح اليوم”، مع الفنانة ثريا جبران، ومع فرقة ميلود الحبشي في مسرحية “الحيحة نوفو موديل”، إضافة إلى مشاركته في مجموعة من الأعمال التلفزيونية، منها سلسلة “مّي هنية” و”دار الخواتات” وأعمال أخرى متنوعة.

***

ولأنّ الموت لا يعترف بالجغرافيا، فقد حصد العديد من الأدباء والفنانين والمغنّين في كل بقاع العالم.

في الوطن العربي، وفي سوريا تحديدا، حصد الموت المفكر الإسلامي محمد شحرور، الذي غيبه الموت السبت الماضي، بعد عمر ناهز 81 سنة.

شحرور.. رحيل “مخلخل” الفكر الإسلامي 

رحل، إذن، محمد شحرور، أحد أبرز “رواد النهضة الفكرية الإسلامية”، الذي “أنقذ أجيالا من التعصب والأفكار الرجعية بتقديمه قراءات معاصرة للنصوص الدينية ترتكز على إعمال العقل والنقد”.

في المقابل، أثارت إسهامات شحرور الفكرية تحفظا لدى البعض على المناهج العلمية التي اتبعها المفكر السوري في قراءة النص الديني. بل ذهب المعترضون على فكر شحرور إلى حد اتهامه بـ”الزندقة” وسط مطالب منهم بحظر كتاباته، لأنها تشكل “مساسا بثوابت الدين”.

تتلخص أطروحات محمد شحرور، وفق المتحفّظين إزاء منهجه وتفكيره، في محاولة تطويع النصوص حتى تلائم مبادئ الفكر الماركسي.. بينما ينفي آخرون ذلك قائلين إنه كان يدعو إلى التعامل المباشر مع النص الديني واعتماد مناهج علمية حديثة بعيدة عن الإطارات والمناهج التقليدية في تفسير النص القرآني.

وخلق شحرور جدلا واسعا بمؤلفاته وصلت حدّ شتمه، مكرّسين “أزمة العقل العربي الجمعي” الذي تطرّق لها الراحل.

وولد شحرور في دمشق في 1938 ودرس الهندسة المدنية في موسكو. وعمل مدرّسا للهندسة في جامعة دمشق، بعد أن حصل على شهادة الماجستير والدكتوراه في إيرلندا.

وكرّس، منذ سبعينيات القرن الماضي، وقته لدراسة القرآن وألّف 13 كتابا ومؤلفا حول هذا الموضوع.

وفي 1990، أصدر مؤلفه “الكتاب والقرآن -قراءة معاصرة”، مثيرا به جدلا فكريا واسعا في العالم العربي والإسلامي. وهو الكتاب الذي عدّه قرّاؤه اللبنةَ الأساسية لجميع أفكار شحرور.

وطالب شحرور بفكرة عقلنة النص الإسلامي، وتأسيس مجتمع مدني تحكمه القوانين المدنية، موضحا أن “أوروبا في تقدم مستمر لأن التدين فيها فردي ومبني على القيم الأخلاقية”، مشددا على “ضرورة إحداث قطيعة معرفية مع الأحاديث والسنن باعتبارها تراثا إنسانيا يقبل الصواب والخطأ.

كما رفض الراحل “تقديس الأحاديث” واعتمادها مصدراً للتشريع، مؤكدا أهميةَ الرجوع إلى القرآن دوما.

وتناول شحرور الأحاديث ووصفها بأنها “وثائق تاريخية وُضعت لتنظيم المجتمع في شبه الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي فقط ولا يمكن تطبيقها في العصر الحالي”!..

كما استبعد الراحل صحّة الأحاديث وقال إنّ الاستناد إليها يشوّه سيرة النبي محمد ويعطّل الإنتاجَ الفكري الإسلامي.

الفيشاوي.. سيقتلني السرطان!

في أرض الكنانة، خطف الموت العديد من الأسماء الوازنة في المشهد الفني على الخصوص. فأياماً، وربما أسابيع بعد إعلانه أنه مصاب بالدماء الفتاك، توفي الممثل المصري فاروق الفيشاوي يوم 25 يوليوز 2019 عن سن يناهز 67 سنة.

وكان الفيشاوي قد أعلن أنه مصاب بالسرطان خلال تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في أكتوبر الماضي.

ويعدّ الفيشاوي أحد رواد الفن المصري، إذ أغنى السينما والدراما المصرية بأكثر من 100 عمل، بين مسرحيات وأفلام ومسلسلات، أبرزها، فيلم “المشبوه” مع عادل إمام و “الطوفان” و”القاتلة”، و”عوالم خفية”، و”أولاد الحلال”.

أبو عوف.. رحيل طبيب الفنّ ومؤسس الـ”فور إم”

في يوليوز 2019 نعت نقابة المهن التمثيلية في مصر الفنان عزت أبو عوف، بعد 71 عاما أمضى منها عقودا بين الركح وفي أستوديوهات التصوير.

وكان أبو عوف يتلقى علاجا في مستشفى في منطقة المهندسين في مصر، بعدما تدهورت حالته الصحية.

من التأليف الموسيقي والتلحين، إلى التمثيل وتقديم البرامج، كان أبو عوف فنّانا متعدّد المواهب، وهو المتخرج أصلا من كلية الطب.

إلى جانب انشغاله بالمسرح والسينما، أنشأ أبو عوف، مع أخواته، فرقة الـ”فور إم” الموسيقية، التي قدّمت العديد من الأعمال والوجوه الفنية في مصر، لعلّ أشهرهم المطرب محمد فؤاد.

خلّف أبو عوف إرثا زاخرا توزّع بين الأفلام السينمائية والتلفزيونية والمسلسلات والموسيقى التصويرية والبرامج.

وكانت أولى خطوات أبو عوف في درب الفنّ كممثل في 1992 في فيلم “آيس كريم في جليم” مع المطرب عمرو دياب. وكان من غرائب الصّدف أن آخر ظهور له على الشاشة كان أيضا مع دياب في إعلان لإحدى شركات الهواتف المحمولة.

وترأس أبو عوف، الذي حظي بالتكريم في العديد من المناسبات، مهرجان القاهرة السينمائي في عدة دورات.

شعبولا.. وفاة صاحب أنا بكره إسرائيل

خطف الموت في مصر، أيضا، المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم عن وقد تجاوز الستين بعامين.

وقبل أيام من رحيله، شارك عبد الرحيم شعبان في حفل غنائي في السعودية، ضمن فعاليات موسم الرياض الترفيهي الأكبر في الشرق الأوسط. وظهر عبد الرحيم يغني وهو جالس على كرسيّ متحرك، بسبب كسر في قدمه..

اشتهر “شعبولا” بأغان موجّهة يهاجم فيها أنظمة وجماعات ومؤسسات إعلامية، آخرها قناة الجزيرة القطرية.

وفي مطلع القرن الجديد، غنى عبد الرحيم أغنيته الشهيرة “أنا بكره إسرائيل”، التي حقق بفضلها شهرة واسعة، محدثة ردود فعل تجاوزت الحدود المحلية، ليواجه عبد الرحيم اتهامات بـ”تشجيع الكراهية”.

وُلد شعبان عبد الرحيم في حي الشرابية بالقاهرة في 15 مارس 1957 وكانت مهنته كيّ الملابس، فيما كان يمارس هواية الغناء بين الأهل والأصدقاء في المناسبات.

وعُرف الراحل باسم “شعبولا”، كما عرف بارتداء أزياء “ملفتة للنظر”، ما جعل كثيرين يتهمونه بـ”الهبوط بالذوق العامّ” في مصر، لكن ردّه كان أنه جزء من ثقافة شعبية في مصر لا تؤثر على الذوق العامّ في شيء.

وقد شارك عبد الرحيم، إضافة إلى الغناء، في مجموعة من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، كما حلّ ضيفا على الكثير من البرامج الإذاعية والتلفزيونية.

كما ودّعت مصر في 2019 الممثل محمود الجندي في 11 أبريل  وكذا عزت أبو عوف والممثل الكوميدي محمد نجم وغيرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *