حسين عصيد
“يحاول الجيش الجزائري، المستبد بالسلطة منذ استقلال البلاد في 1962، أن يخوض تجربة جديدة بعد انتخابات 12 دجنبر الجاري، بخروجه من لعب دور الفاعل من خلف الكواليس إلى الممارس للسلطة علانية، إلا أنه سيبقى حتما محتفظا بصيغته الروتينية في الحكم، وهي تقديم واجهة مدنية تأتمر بأوامرها في تسيير شؤون البلاد، ما يُعدّ التفافا على مطالب الجزائريين، الذين راودهم شعور بالانعتاق لدى إجبارهم عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في أبريل الماضي”، يقول الباحث الجزائري مصعب حمودي في دراسة له عن “الاستبداد في الجزائر”.
ووصف حمودي حالة الغليان التي يشهدها الشارع الجزائري منذ شهور بقوله “هذا وضع غير مريح للغاية بالنسبة إلى رلجيش، لأنه لا يحب الظهور في ظروف تتصف بالغموض”، قبل أن يضيف “وجد الجيش نفسه في الخطوط الأمامية في مواجهة الحراك الشعبي، وظن مخطئا أنه يمكن إخماده عن طريق دفع بوتفليقة إلى الاستقالة، ثم سجن رموز نظامه، إذ تم استبدال شعار المتظاهرين من “جيش شعب.. خاوة خاوة” إلى “الجنرالات في سلة المهملات”.
وعن رأيه في الرئيس المقبل (وقد تأكد اليوم الجمعة تبون رسميا) بقوله: “بالنسبة إلى الرئيس المنتخب فلن تكون له أي سلطة في القضايا الرئيسية وسيتلقى الأوامر من رئاسة الأركان، كما كانت الحال دائما!”..
أما كمال شكلات، الباحث في المنطقة المغاربية في مركز البحوث الاجتماعية والسياسية في باريس فقال “منذ الاستقلال، أصبح الجيش “دولة داخل الدولة”، والسياسة كانت دائما شأنا عسكريا. أما الحراك الشعبي فيريد إعادة النظر في كل ذلك مع شعارات مثل “ترحلون جميعا” أو “دولة مدنية وليس دولة الثكنات”، لكنه تدارك أن “تلبية مطالب الحركة الاحتجاجية ليست على أجندة صانعي القرار في الجيش، والدليل تنظيم انتخابات رئاسية بالقوة، رغم رفضها من قبل غالبية الجزائريين”، ليستطرد “يريد الجيش مجرد واجهة مدنية لسلطته وتوريث الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للرئيس المقبل إلى حين إنهاك الحراك!”..
ومن جهته، أكد فلافيان بورات، الباحث في شؤون المغرب العربي والشرق الأوسط، أن الإصرار يطبع رغبات صانعي القرار العسكريين في الجزائر، والذين يأملون بإخلاص إبقاء الوضع القائم وخنق الحراك، بفرض إعادة رئاسة مدنية للواجهة”، ليضيف “عبر رفضه أي تنازل للحراك، يرفض الجيش بقوة رؤية عملية انتقال سياسي تفلت من سيطرته، مع خطر إسقاط نظام قائم منذ الاستقلال، ليبقى هذا الجيش متأثرا بفشل الانتقال الديمقراطي في أوائل التسعينيات، عندما أجبرت المؤسسة العسكرية الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة وألغت حينها الانتخابات التشريعية، التي كان الاسلاميون على وشك الفوز بها”، ليخلص إلى القول إن “الجيش سيخسر حتما بإقحام نفسه مباشرة في الإدارة السياسة، خصوصا أن الوضع الاقتصادي صعب للغاية”.