إلياس الزاهدي -le12.ma

صدر العدد الثالث -إلكترونياً- من “تأويليات”، المجلة الفصلية المحكمة التي تعنى بالتأويليات النظرية والتطبيقية والمناهج، الصادرة عن مؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات 

والأبحاث”، في انتظار نشره الورقي.

ويشرف على المجلة الدكتور محمد أبو هاشم محجوب من تونس.  

وجاء في تصدير العدد الثالث، بقلم محمد أبو هاشم محجوب، “مع هذا العدد الثالث تبلغ تأويليات بدايتها الجدالية التي كانت تروم الوصول إليها منذ البداية: خلق سياق من النقاش الفلسفي حول الإشكالية التأويلية نظرية وتطبيقا، فلا حياة فلسفية دون جدال بين المتفلسفين.  وتمثل التأويليات العربية فرصة فريدة في إعادة صياغة السؤال الفلسفي التأويلي من سياق فكر ليس عديم التقليد في باب التأويل، بل طوّر جدلا كاملا حول نظريته البلاغية، وحول علم الكلام، وحول الفلسفة، وحول التجربة الصوفية، وحول علم الكلام الجديد. لذلك فإنّ أي استئناف للمجهود التأويلي لا بد أن يستحضر هذا التاريخ، مميزا ضمنه ما بين ما ينتمي إلى التاريخ [= التاريخي]، وبين ما يؤسس التاريخ ويعطيه معنى [= التاريخاني].

ما الذي يمثّل عنصرَ التأويل ؟ وهل يمكن لنا ممارسة التفلسف بإعادة بناء تاريخه خارج الأخدود الذي تسطّرت فيه مفاهيمُه الأساسية؟ إنّ هذا السؤال هو الذي يطرحه محمد محجوب من خلال مجادلة الموقف الذي يريد أن يجعل من تاريخ التفلسف خصومة مع مفهوم لم يُسمع ولم يُنطق به. وضدّ هذا الموقف يشير محجوب، من خلال مناقشة مسألة ليست “ترجمية” إلا في ظاهرها، إلى أنّ مفهوم الوجود هو، من داخل الفلسفة العربية، المفهومُ الذي كَشف وحَجب في آن. ولذلك لا بدّ من الاضطلاع به في هذا اللُّبس المؤسّس، وضمن هذه الشّبهة الفاتحة: إن إمكان استئناف التفلسف بالعربية هو الرهان الذي يطاوله هذا المقال إذ يستأنف مقدمة الترجمة العربية لتأويليات الحدثية لهيدغر التي صدرت في الأثناء. ولعل حرج التّرجمة هذا هو الذي تثيره مقالتا خليل قويعة (الذي يتساءل عن مدى ما تكون الترجمة تأويلا للذات) وفتحي انقزو (من خلال مساءلة تجربة اللغة من جهة كونها تجربة عابرة بين بدأة إغريقية لوغوسية، وبدأة عبرانية أنبيائية ناطقة عن الكلّي) بالإضافة إلى المراجعة المتبصرة لكتابات عبد السلام بنعبد العالي في الترجمة، وهي المراجعة التي قام بها عبد الرحيم رجراجي : إلى أيّ مدى تكون تجربة الترجمة ، بما هي تجربة تأويلية قصوى، بل بما هي براديغم التّأويل نفسه، هي نفس تجربة الفلسفة؟ ذلك هو المحور الأول الكبير الذي ينتظم مقالات هذا العدد، دون أن يستوفيها.

أمّا المحور الآخر فينتظم مقالاتِه الأربعة، سؤالٌ واحد هو سؤال تجربة القراءة التأويلية لنصوص بعينها: سؤال المناهج التّأويلية يقارب ضمنها خالد التوزاني نصوص المأثور الصوفي، نصوصا فوق العادة، في عبارته، أو يستنطق بها أحمد أوالطوف مناطق الصمت في كليلة ودمنة، تنقلا بين التأويل الذي ينطق به بيدبا الفيلسوف والتأويل الذي يسكت عنه ابن المقفع، وسؤال المنهج التاريخي في مواجهة النص القرآني كما عند سعيد عبيدي في قراءته لنصر حامد أبوزيد، ، انتهاء إلى سؤال القراءة الفلسفية حيث يستعيد سفيان سعدالله بنيان الفلسفة السبينوزية من خلال “نقدها” لديكارت، على حد عبارة أطروحة إيفون بيلافال المشهورة.

 أما مقال عمر بن بوجليدة، فهو يستقل نصوص ريكور ليتطرق إلى خطاب بعينه، هو خطاب السلطة بما هو خطاب رغبة، وليفكك من خلال ريكور آليتها في تخييل العدل في عين رغبتها أن تكون سلطة مطلقة.

وأخيرا فإن تجريب النظر الـتأويلي في قراءة أثر فني هو تجريب بات اليوم مألوفا، ولكن تأثيث  الفضاء وبناءه وتشكيله ليس دائما عملا فنيا في حد ذاته. فهل قراءة دلالته هي من قبيل رفعه إلى مقام الفني، أم إنها تفترض أن المعنى قائم بعد في فضاءاتنا اليومية تماما مثلما هو قائم في آثار نحن نشحنها به. ذلك هو السؤال الذي نخلص إليه من قراءة المقاربة التأويلية لسهير الأمين : إلى أي مدى يمكننا أن نقول إنّ كياننا اليومي، فضاءَنا اليوميَّ، هو كيان مشحون بعد بالمعنى، وأننا نسكن هذه اليومية على جهة الروحنة؟”..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *