حسين عصيد

كان جماهير مهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أمس الأحد، على موعد مع فيلم “لالة عيشة” لمخرجه محمد البدوي، الذي يُعرض خلال هذه التظاهرة الفنية العالمية، في زمن يحتفل المغرب، كما باقي دول العالم، باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء.

ويحكي الفيلم قصة سيدة تدعى “لالة عيشة”، تقطن بمنطقة الريف، ومتزوجة ولها خمسة أطفال، كانت تعيل أسرتها بالاعتماد على الصيد، لكنّ وصول الدلافين بأعداد كبيرة إلى السواحل وتمزيقها شباك الصيد سيّغير مجرى حياتها. وتبدأ رحلة الصيادين في البحث عن مورد رزق جديد دون جدوى، إذ يفكر أبناؤها في الحل الأسهل للخروج من ضائقتهم المادية، وهو الهجرة إلى أوربا.

وتستمر معاناة “للاعيشة”، مع صراعها لكسب لقمة العيش، من جهة، ومحاولة ثني أبنائها عن مغادرة الوطن، من جهة ثانية؛ في شريط يُقدّم أنماطا مختلفة أخرى من حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة القروية في المغرب، والتي لا تلعب دور الأم فقط، منبع الحنان والعاطفة، بل هي صوت الضمير، أيضا، ونبض الوطن والشعور بالانتماء إليه.

واعتمد المخرج محمد بدوي في فيلم “لالة عيشة” على لغة حكائية بسيطة ومباشرة، إذ حاول تعويض الحوارات المعقّدة بالصمت، الذي لازم أغلب لقطات عمله الفني، والذي يفتح نفسية المشاهد على مناظر طبيعية أخاذة في الريف وروعة الحياة في المنطقة، رغم قسوة الظروف.

ولم يغفل البدوي إبراز الظواهر التي تعصف بمنطقة الريف منذ 40 عاماً، وهي الهجرة إلى أوربا، هذا الحلم الذي رحل بالآلاف من أبناء المنطقة إلى الضفة الأخرى. لكن الريف، رغم النزيف الذي يشهده جغرافيا، لا يزال  -حسب البدوي- يحتفظ بأعظم ما فيه: سكانه وخيراته التي لا تنضب رغم جفاء الأرض والحظ.

يشار إلى “لالة عيشة” هو ثالث أفلام محمد البدوي، ويأتي ليفترش نجاحا حصده من قبله فيلماه السابقان، وهما “سليمان”، الذي عالج فيه ظاهرة تفشي مرض السرطان في منطقة الريف، والذي عُرض بجفي مهرجان القاهرة السينمائي، ثم “فلسطين”، الذي عالج عددا من الوقائع والأحداث التي تهمّ قضية فلسطين بقالب إنساني بعيد عن القيود والحدود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *