زايو – جمال أزضوض

لم يعد لدى سكان مدينة زايو، التي تبعد عن الناظور بـ40 كيلومترا، سعة في الصبر، إلى حين حلول موعد قد يأتي وقد لا يأتي، كي يفتح المستشفى متعدد التخصّصات، أبوابه في وجههم، حتى يستفيدوا من خدماته الصّحية ويوضع حد لـ”معاناتهم” مع مركز صحّي وحيد “لا يوفّر أبسط حاجيتهم”.

معاناة ساكنة زايو، التي يزيد تعداد سكانها عن 40 ألف نسمة، تبدو كبيرة بوجود مركز استشفائي “يتيم”، لا يلبّي حاجيات المواطنين في أغلب الأوقات، ما يستدعي تنقّل المرضى إلى مُدن تبعد عن المدينة بأزيد من 40 كيلومترا، كالناظور وبركان، قصد الكشف والاستشفاء.

 الوضع الصّحي في المدينة، ظل موضوع أغلب الاحتجاجات التي شهدتها في السنوات الأخيرة، خاصة بعد توالي حوادث ولادة نساء المدينة في جنبات المركز الصحّي والاضطرار إلى نقل الحالات الخطيرة من ضحايا حوادث السير وغيرها إلى المستشفى الإقليمي الحسني في الناظور.

واللافت أنه بعد تنظيم عدة وقفات ومسيرات احتجاجية على الوضع الصحي في المدينة، الذي يُوصف بـ”الكارثي”، والمطالبة بتوفير مستشفى يرقى إلى مستوى تطلّعات سكانها وبطاقة استعابية تكفي لاحتواء تعدادها السكّاني، وعد وزير الصحة السابق، الحسين الوردي، في 2012، بإنشاء مستشفى متعدد التخصصات وبمواصفات عالية في المدينة، لكن وفاء الوردي بوعده لسكان زايو “احتاج الكثير من الوقت”.

في 22 يناير 2015، ستضع المقاولة الفائزة بصفقة إنشاء المستشفى متعدد التخصصات في زايو اللبنة الأولى لبنائه على وعاء عقاري قدّرت مساحته الإجمالية بـ6 آلاف و150 مترا مربعا وبطاقة استيعابية تصل إلى 45 سريرا، بكلفة بلغت 78 مليون درهم، على أن تنتهي أشغاله في يناير 2017.

 بيد أنه بعد مرور ما يناهز شهرا على الموعد المقرر لانتهاء الأشغال في مستشفى زايو، خرج عدد مهم من سكان المدينة في مسيرة احتجاجية جابت أغلب شوارعها، رافعين لافتات كتب عليها: “ساكنة مدينة زايو تطالب بافتتاح المستشفى المحلي المقرر في يناير 2017″، بعد أن أخلفت وزارة الصّحة آنئذ وعدَها.

وبالرغم من زيارة وزير الصحة السابق، أنس الدكالي، للمستشفى المذكور، في مارس من السنة الماضية، للوقوف على سير الأشغال فيه، وتأكيده أن افتتاحه سيتم في الوقت المحدّد، فإنه ظل إلى اليوم مغلقا، في الوقت الذي تشير مصادر “le12.ma” إلى أن الأشغال قد انتهت وجرى تسليم المشروع لوزارة الصحة من قبل وزارة التجهيز.

 الاحتجاج من أجل تحقيق هذا الحق، لم يعد يُخلف مناسبة للتعبير عن إدانة إغلاق غير مبرر لمستشفى طال أمد بناؤه،  لذلك شكّلت مباراة في كرة اليد جمعت، الاثنين الماضي، بين فريقَي نهضة زايو وجمعية تازة في القاعة المغطاة للرياضات، فرصة مثالية للجماهير الرياضية، التي رفعت لافتات تطالب من خلالها بتحقيق مطالب اجتماعية، لاسيما تلك المتعلقة بتوفير “مناصب الشغل، وملاعب القرب وفتح أبواب المستشفى المحلي”.

وكتب مشجعو فريق نهضة زايو في اللافتات التي رُفعت خلال المباراة مطالبَهم بوضوح تام: “المستشفى، ملاعب القرب، فرص الشغل.. إلى متى؟”…

وفي حَديثهم إلى صحيفة le12.ma الإلكترونية، قالت بعض الجماهير “إن فكرة رفع مطالب اجتماعية خلال مباراة رياضية كانت من أجل إيصال رسالة إلى “من يهمهم الأمر”، خاصة بعد استنفاد جميع الطرق الأخرى التقليدية للاحتجاج والمطالبة برفع التهميش عن المدينة، والتي قوبلت بالآذان الصمّاء”.

وواصل المتحدّثون “اعتبرنا المباراة فرصة للتعبير عن احتجاجنا على الوضع الاجتماعي والصحّي في المدينة، بالنظر إلى حجم المباراة، والتي أمتلأت على إثرها القاعة المغطاة عن آخرها، بإضافة إلى أنها كانت (المباراة) منقولة على القناة الرياضية العمومية، ما يتيح إمكانية إيصال رسالتنا إلى أبعد مدى”.

يأتي هذا في وقت يعاني شباب المدينة، إضافة إلى انعدام الاستشفاء والتطبيب، من تفشي معضلة البطالة في صفوف مختلف الشرائح الاجتماعية، وغياب فرص الشغل، لكونها لا تتوفر على مشاريع اقتصادية مهيكلة التي من شأنها أن تسهم في امتصاص شبح البطالة، الذي يخيم عليها بصورة مخيفة، ما أرغَم عددا مهمّا من الشباب على ركوب “قوارب الموت” بحثا عن مستقبل أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *