حسين عصيد
لم تكن الحقوقية المغربية نادية العثماني وجها مألوفا لدى الإسبان قبل 25 نونبر الماضي، حين وضعت خافيير أورتيغا سميث، السكرتير العامّ لحزب “فوكس” المتطرف في موقف لا يُحسد عليه، بعدما وبّخته أمام عدسات التلفزيون وميكروفونات الإذاعة، وسط تجمع جماهيري يدعو إلى وقف العنف ضد النساء، ضمّ عشرات الآلاف من المواطنين الإسبان، في العاصمة مدريد، متهمة إياه بغضّ الطرف عن المعاناة التي تعيشها النساء المغربيات في إسبانيا.
وقد أثارت هذه الواقعة، التي رصدتها وسائل إعلام إسبانية مختلفة، جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف الإسبانية قاطبة، إذ سُلط الضوء بقوة على نادية العثماني، الحقوقية المغربية التي تستعمل كرسيا متحركا وإحدى ضحايا العنف، التي تتبعت الصحافة الإسبانية تفاصيل اعتداء شنيع تعرضت له في 1997.
وُلدت نادية العثماني في فاس والتحقت بفرنسا في 1997 لدراسة الأزياء، إلا أن حادثا مؤلما قلب حياتها رأسا على عقب، بعدما نشب شجار بين أختها التي كانت تقطن عندها، وبين زوجها الإسباني، والذي تحول إلى عراك وجدت نادية نفسها طرفاً فيه، قبل أن يعمد زوج أختها “الغاضب” إلى إطلاق ثلاث رصاصات عليها من مسدس أوتوماتيكي، أصابتها إحداها بجرح بليغ في الجمجمة، فيما استقرت الأخريان في عمودها الفقري، متسببتين لها في شلل دائم..
وبينما كانت نادية العثماني تُمضي فترة نقاهة دامت سنوات، كانت أطوار محاكمة زوج أختها تدور في المحاكم الإسبانية. وحين حوكم بـ9 سنوات سجنا، انتفضت نادية ضد هذا الحكم، الذي اعتبرته عنصريا ومُجحفا في حقها، لتُقرر -بعد تحسن حالتها الصحية- الخوض في العمل الجمعوي، لتتحول إلى حقوقية مناهضة للعنف ضد النساء المغربيات في إسبانيا. ولم تتوقف، طوال عقدين، عن التنديد بالحيف الذي تتعرض له المهاجرات المغربيات في إسبانيا، خاصة في الشق المتعلق بالعدالة، والتي تعدّها غير منصفة لهنّ، بقدر ما هي منصفة للنساء الإسبانيات أو المهاجرات المنتميات إلى دول أوربية.
وكان خافيير أورتيغا سميت، السكرتير العام لـ“فوكس”، الوافد الجديد على الأحزاب السياسية في إسبانيا والمُعادي للأجانب، وللمغاربة على الخصوص، يخطب في الآلاف من المتظاهرين، الذين حجوا إلى وسط العاصمة تخليدا لليوم العالمي ضد النساء، حين تقدمت نحوه نادية العثماني، لتنفجر في وجهه أمام الحاضرين قائلة إنه “لا يمكنه ممارسة السياسة باللعب على وتر العنف ضد النساء”، قبل أن تتهمه بأنه أحد أشهر الشخصيات الإسبانية التي تُنكر ظاهرة العنف ضد المرأة في إسبانيا.