الرباط- جمال بورفيسي

و هيمنت قضايا الشباب والتشغيل على الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة اليوم الجمعة. وشدد الخطاب الملكي على ضرورة خلق رافعات للنهوض بقطاعات الشباب والتشغيل، مبرزا في السياق ذاته أن “المغرب بلد الفرص وليس بل. الانتهازيين”. ودعا الملك في خطابه إلى رفع الدعم العمومي الموجه للأحزاب السياسية، وتخصيص جزء منه للكفاءات التي تشتغل داخلها في التفكير والابتكار.

وشدد الملك في خطابه على ضرورة خلق آليات مبتكرة لتحفيز الشغل في القطاع الفلاحي، باعتباره مؤهلا لخلق دينامية جديدة وواعدة في مجال التشغيل من شأنها أن تساهم في بروز طبقة وسطى فلاحية.

وقال الملك في هذا السياق إن القطاع الفلاحي يمكن أن يشكل خزّانا أكثر دينامية للتشغيل ولتحسين ظروف العيش والاستقرار في العالم القروي. ودعا الملك إلى “تعزيز المكاسب المحققة في الميدان الفلاحي وخلق المزيد من فرص الشغل والدخل، وخاصة لفائدة الشباب القروي”. وأضاف أن “غايتنا انبثاق وتقوية طبقة وسطى فلاحية وجعلها عاملَ توازن ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، على غرار الدور المهم للطبقة الوسطى في المدن”.

وأبرز الخطاب الملكي أن “استقرار الشباب بأرضهم يبقى رهينا بتمكينهم من فرص الشغل، لذا نوجه الحكومة لبلورة آليات مبتكرة لمواصلة تحفيز الفلاحين على المزيد من الانخراط في تجمّعات وتعاونيات فلاحية منتجة ومتابعة تكوين في المجال الفلاحي”.

وبموازاة ذلك، دعا الملك إلى “تعزيز وتسهيل الولوج للعقار وجعله أكثر انفتاحا على المستثمرين، سواء الأشخاص أم المقاولات، بما يرفع الإنتاج والمردودية ويحفّز على التشغيل، مع الحفاظ على الطابع الفلاحي للأراضي المعنية”.

ودعا الملك إلى التفكير في أفضل السبل لإنصاف الفلاحين الصغار، خاصة في ما يتعلق بتسويق منتجاتهم والتصدي الصارم للمضاربات وتعدد الوسطاء. وقال الملك “إن التوجيهات المهمة التي قدّمناها بخصوص قضايا التشغيل والتعليم والتكوين المهني والخدمة العسكرية تهدف إلى النهوض بأوضاع المواطنين، وخاصة الشباب، وتمكينهم من المساهمة في خدمة وطنهم. فالخدمة العسكرية، يضيف الملك، تقوي روح الانتماء إلى الوطن. كما تمكن من الحصول على تكوين وتدريب يفتح فرص الاندماج المهني والاجتماعي أمام المجندين الذين يبرزون مؤهلاتهم وروح المسؤولية والالتزام.

وتابع الملك أنه “يجب التأكيد أن جميع المغاربة المعنيين، دون استثناء، سواسية في أداء الخدمة العسكرية، بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وشواهدهم ومستوياتهم التعليمية.

وفي إطار التوجه الهادف للنهوض بالتشغيل، دعا الملك إلى دراسة إمكانية فتح بعض القطاعات والمهن غير المرخصة حاليا للأجانب، كقطاع الصحة، أمام بعض المبادرات النوعية والكفاءات العالمية، شريطة أن تساهم في نقل الخبرات وفي خلق فرص شغل للشباب المغاربة، حسب مؤهلاتهم.

ونبّه الملك إلى أنه “إذا كانت التحفيزات المغرية تدفع بعض الطلبة إلى البقاء في الخارج بعد استكمال دراستهم، فإن من شأن المبادرة التي نقدم عليها أن توفر الظروف الملائمة للكفاءات المغربية قصد العودة للعمل والعطاء في أرض الوطن، إضافة إلى تشجيع المنافسة الإيجابية والسليمة، بما يساهم في رفع جودة الخدمات”.

وفي سياق بلورة نموذج تنمويّ جديد، دعا الملك إلى الإسراع بإنضاج التصور حول هذا النموذج، مبرزا أنه “إذا كان من الطبيعي أن يأخذ هذا الموضوع المصيري بالنسبة لمستقبل المغرب وقتا كافيا من التفكير والحوار، فإننا نعتقد أن هذا الورش الوازن قد بلغ مرحلة متقدمة من النضج تقتضي الإسراع بتقديم المساهمات في غضون الثلاثة شهور المقبلة”.

وأعلن الملك في هذا السياق قراره القاضي بتكليف لجنة خاصة “مهمتها تجميع المساهمات وترتيبها وهيكلتها وبلورة خلاصاتها، في إطار منظور إستراتيجي شامل ومندمج؛ على أن ترفع إلى نظرنا السامي مشروع النموذج التنموي الجديد، مع تحديد الأهداف المرسومة له”.

من جهة أخرى، أكد الملك أن الرهانات والتحديات التي تواجه بلادنا متعددة ومتداخلة، ولا تقبل الانتظارية والحسابات الضيقة. “فالمغرب يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين.. وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له الحظوظ نفسها لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء”.
والواقع، يقول الملك، أن “المغرب يحتاج، اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى وطنيين حقيقيين دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وهمّهم توحيد المغاربة بدل تفريقهم، وإلى رجال دولة صادقين يتحمّلون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *