Le12.ma
منذ القرن التاسع عشر، كان علماء الزلازل الأوروبيين قد تمكنوا أخيراً من رسم خريطة عالية للهزات الأرضية، ودون اعتمادهم على آلات حديثة كالحواسيب أو الأقمار الإصطناعية، لم تحمل خرائطهم اختلافا كبيرا عن الخرائط الحديثة، إلا أنها صبت اهتمامها على مناطق مختلفة من العالم كالشرق الأدنى، أي المناطق الواقعة ما بين اليابان واندونيسيا، وعلى مناطق شاسعة من أمريكا الجنوبية، على اعتبار أن هذه المناطق، هي التي عرفت أكبر كمّ من الزلازل التي سُجلت عبر التاريخ، وكان وقعها مدمراً وتأثيرها لافتا على حياة البشر.
ورغم أن المغرب كان يقتعد له مكانا مهما على خريطة الزلازل، حيث تلامسه طبقات تكتونية غير مستقرة، والتي تشق طريقها عبر البحر المتوسط إلى وسط المحيط الاطلسي، فإن اهتمام علماء الزلازل به لم يبدأ إلا في الفترة التي تلت زلزال أكادير المدمر، ليشرع الجيولوجيون في التأريخ لمرحلة جديدة من تاريخ الزلازل، أصبحت تبسط اهتمامها على منطقة البحر المتوسط، خاصة مع تعرض تركيا لزلزال مماثل لذلك الذي ضرب أكادير، وذلك سنة 1999، تسبب في مصرع 17 ألف شخص.
يقع المغرب في نقطة مفصلية، حيث تقع التداخلات والتصادمات الناجمة عن تقارب الصفيحتين الافريقية والاورو ـ آسيويةّ، وتعتبر جبال الاطلس الكبير والمتوسط والريف من أنشط المناطق زلزاليا في شمال غرب افريقيا، وافترض عالم الزلازل “ريد” سنة 1906، وهو صاحب نظرية “الإرتداد المرن” في علم الزلازل، أن صخور القشرة الأرضية تحت البحر المتوسط تعرضت إلى ضغوط وتشوهات على مدار السنين، مما جعل مسارها الطبيعي يتغير، ليُنتج عن ذلك قوى هائلة تتزايد مع الزمن، لتتحول لدى تفجرها إلى زلازل، أكثرها تدميراً هي التي تقع في قعر البحر، حيث يزيد ضغط مياه البحر من حولها من قوتها التدميرية.
وقد شهد المغرب عبر تاريخه عدداً مهما من الزلازل، بعضها لم تنتج عنه أية مآسٍ تُذكر، بينما امتلك البعض الآخر طاقة تدميرية هائلة، وتسبب في هلاك أعداد كبيرة من البشر:
حسب “موسوعة المغرب الكبرى”، فإنه بتاريخ 28 ماي 818، ضرب زلزال مريع ضفتي مضيق جبل طارق. وفي دجنبر 1079 دمر زلزالان عنيفان أبراجا ومنارات وبنايات المناطق المجاورة، مخلفين مصرع عدد كبير من الضحايا الذين لقوا حتفهم تحت الأنقاض.
وفي سنة 1276 تسبب زلزال قوي في تدمير مدينة العرائش عن آخرها، وخلف عددا كبيراً من الضحايا.
ويوم 22 شتنبر1522، ضرب المغرب زلزال قوي تسبب في دمار عدد كبير من المنازل في مدينة فاس، وخسائر كبيرة في مدينة تطوان .
وفي 26 يناير 1531، شعر سكان المغرب بوقع زلزال قوي ليعاود الكرة ثانية في بداية مارس 1579 دمر عشرات المنازل في مدينة مليلية، وجزء من سور المدينة.
ويوم 11 ماي 1624 دمر زلزال الجزء الأكبر من مدن تازة وفاس ومكناس وخلف عددا كبيرا من الضحايا.
وفي 27 من دجنبر 1722 خلف زلزال مدمر خسائر جسيمة في المدن الساحلية للمغرب.
وفي بداية عام 1731 دمر زلزال آخر مدينة اكادير. وفي يومي 1 و18 نونبر من ذات السنة، دمر الزلزالان اللذان ضربا مدينة لشبونة البرتغالية أغلب المدن الساحلية المغربية.
وفي 12 أبريل 1773 دمر زلزال عنيف مدينة طنجة تدميرا شبه كلي، فيما انهارت عدة منازل بفاس وشعر سكان سلا بارتداد لهذه الهزة.
وفي 12 و22 يناير 1909 دمر زلزال القرى بضواحي مدينة تطوان وخلف 100 ضحية بين قتيل وجريح.
وفي 29 فبراير 1960 دمر زلزال بقوة 7.5 درجة على مقياس ريشتر مدينة أكادير مخلفا 12 ألف قتيل، وخسائر مادية قدرت آنذاك بـ 290 مليون دولار، وهو الزلزال الأعنف في تاريخ المغرب، وأحد الزلازل المائة الأكثر تدميراً في التاريخ حسب الوكالة الدولية للزلازل.
وفي 24 فبراير 2004 شهد إقليم الحسيمة زلزالا مدمرا بلغت قوته 6.3 على سلم ريشتر، وخلف ما يزيد عن 862 قتيلا، وجرح نحو 629 آخرين، إضافة إلى تشريد أكثر من 51 ألف شخص، وهو يُعد ثاني زلزال مدمر يشهده المغرب.