le12.ma -وكالات

ما فتئ الجدل يحتدم بين رجال السياسة والاقتصاد المغاربة منذ إعلان الحكومة رغبتها في اعتماد إجراءات “تحفيزية” لاستعادة الأموال المهرّبة بطرق غير قانونية خارج البلاد.

وقد ضُمّنت هذه الإجراءات في مشروع الموازنة لـ2020، التي تناقش في البرلمان في الوقت الراهن، وتتضمن “العفو عن أصحاب الأموال الخارجة من البلاد بطريقة غير شرعية وإعفائهم من الغرامات في حال إعادة أموالهم إلى البلاد، خلال مهلة زمنية” (بضعة شهور).

ويتعلق الأمر، بحسب حكومة العثماني، بـ”الأموال والعقارات الموجودة خارج الممكلة ويمتلكها مواطنون مقيمون في المغرب واكتسبوها بطرق مشروعة لكنهم خالفوا قوانين الصرف في المغرب ولم يصرّحوا بعمليات نقل أموالهم إلى الخارج”.

وأعطى العفو المقترَح المعنيين مهلة تمتد من فاتح يناير إلى 31 أكتوبر 2020 للتصريح بالأموال المعنية بهذا القرار وإرجاعها.

وفي التفاصيل، سيُعفى المستفيد من دفع الرسوم على دخول الأموال بنسبة %5 إذا أودع %75 من أمواله في حساب بالعملة الصعبة و%25 بالدرهم المغربي، ويستفيد من يختار تحويلها إلى الدرهم من إعفاء من الرسوم بنسبة أكبر من هذه.

وفي هذا الإطار، صرّح المهدي فقير، الخبير الاقتصادي المغربي، للأناضول بأن “الحديث عن مهربي الأموال وصف غير دقيق”. وأضاف، في تصريح صحافي: “لسنا بصدد عملية العفو عن مهربي الأموال، والقول بذلك يوحي وكأن الدولة تشجع التهريب.. إننا أمام حالات لأشخاص يملكون عقارات أو أموالا سائلة، لكنها في وضعية غير قانونية يجب تسويتها، فتلك الأموال تم تحويلها بطريقة غير قانونية”.

ومن جانبه، صرّح نوفل الناصري، الخبير الاقتصادي المختصّ  في السياسات العامة والعضو في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب، بأن “مكتب الصرف أطلق، مؤخرا، بحثا موسعا لجرد المقتنيات العقارية الموجودة خارج الحدود بطريقة غير قانونية من مغاربة لهم إقامة ضريبية في المغرب”. وتابع أن “المعطيات تفيد بأنه بين سنتي 2014 و2019 تمت دراسة 600 ملف للحصول على عقار خارج المغرب، بطريقة غير شرعية”.

وتابع المتحدث ذاته أن “قانون الصرف واضح في البلد، إذ يعُدّ اقتناء أشخاص مقيمين في المغرب أملاكا غير منقولة في الخارج دون موافقة مسبقة مخالَفة قانونية تتطلب دفع غرامات قد تبلغ ستة أضعاف قيمة العقار”.

أما رفيعة المنصوري، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب، عن فريق حزب الاستقلال، فانتقدت “العفو” المقترح قائلة في تصريح صحافي: “في كل دول العالم يُتخذ إجراء العفو مرة في 15 أو 20 سنة، لكنْ عندنا تمت العملية الأولى للعفو عن مهرّبي الأموال سنة 2014 فقط”. وإضافت: “الحقيقة أن الحكومة لديها عجز في الميزانية، وهاجسها اليوم هو تحقيق التوازن في الموازنة العامة، بغضّ النظر عن الوسيلة التي تعتمد”.

وأضافت المنصوري “ككتلة برلمانية معارضة، نتساءل من المستفيد من العفو؟.. هل يستفيد أيضا مهرّبو المال العام؟.. لا يجب أن نغفل أن فئات أخرى يمكنها أن تستفيد، إذ لدينا أيضا تجار مخدرات يهرّبون أموالهم إلى الخارج”.

وتابعت تساؤلاتها: “هل تتصالح الحكومة مع مهربي المال العام وتجار المخدرات؟ بينما هم من يتسببون في تراكم عجز الموازنة العامة”.

وفي هذه النقطة، شدّد نوفل الناصري، في تصريحه للمنبر المذكور، على أن “الدولة لا يجب أن تمنح الفرصة لمن لهم طابع إجرامي.. العفو يجب أن يشمل المواطنين العاديين الذين ارتكبوا المخالفة دون أن يكونوا في وضع إجرامي”، داعيا إلى “تمكين المغاربة من إنشاء حسابات بالعملة الصعبة في البنوك المغربية”.

يشار إلى أنعملية العفو الأولى عن مهرّبي الأموال (2014) مكّنت المغرب من استعادة نحو 27.8 مليار درهم (3 مليارات دولار) خلال السنة نفسها.

وتوزّع الأموال المستعادة، بحسب الحكومة، بين سيولة نقدية تبلغ 8.5 مليارات درهم (923 مليون دولار) وممتلكات عقارية بـ9.5 مليارات درهم (1.03 مليار دولار) واستثمارات مالية (أسهم وسندات) نحو 9.8 مليارات درهم (1.06 مليار دولار).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *