حسين عصيد

 

تشهد مدينة نابولي الإيطالية، غداً الأربعاء 06 نونبر، حفل توقيع كتاب “أنا لست إسلام” لكاتبتيه بينيديتا أرجنتييري وسارة جيروني كارنيفال، بعد تأخرٍ عن نشره دام بضعة أشهر، أشعل بإيطاليا عاصفة من الجدل، حين شكّك البعض في أن الكاتبتين قد تعرضتا للتهديد من طرف عناصر متعاطفين مع داعش في إيطاليا، وذلك بسبب روايته لقصة التحاق المغربية إسلام ميطاط بمناطق الصراع في سوريا، والظروف المتعلقة بهروبها من نعيم أوروبا إلى جحيم داعش.

 

مأساة في كتاب

 

وحسب ما أورده موقع “ستيلو24” الإيطالي، فإن رواية إسلام ميطاط لقصتها في أرض الدواعش، قد أثْرَت ملفات أجهزة الشرطة في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل التفاصيل الدقيقة التي حبلت بها، وكذا الاسماء التي أفضت بها للصحافة البريطانية على الخصوص، كما ألهمت الفنانين والكُتاب، حيث بات من المتوقع أن يخرج شريط تلفزيوني بريطاني إلى الوجود يروي قصتها من وجهة نظرها، زيادة على المقالات الكثيرة التي كُتبت في حقها منذ سنة 2017، بينما يتميز كتاب “أنا لست إسلام”، بكونه يعتمد الرواية المكتوبة مصحوبة برسومات مصوّرة تُقرب القارئ من عمق الأحداث وقسوة التجربة.

يروي الكتاب أنه في سنة 2014، وفي عز التجربة الداعشية، تعرفت الشابة المغربية إسلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى رجل أفغاني يحمل الجنسية البريطانية يدعى زبير الأفغاني، وبعد زواجها منه أخذها معه إلى دبي من أجل الأوراق الثبوتية، وبقيت فيها قرابة شهر، وبعدها سافرت معه إلى أفغانستان، إلا أن المعارك الدائرة في البلاد دفعتهم للخروج منها على وجه السرعة.

ثلاثة أزواج

سافر الزوجان إلى تركيا، ثم منها تسللا إلى سوريا ليستقرا بمنبج بعد ذلك، لينتقل زوجها إلى معسكر تابع لداعش لمدينة الطبقة بُعيد إعلان ميلاد “الدولة الإسلامية” يوم 29 يونيو 2014، ليُرافقها مجدداً حين احتلت داعش مدينة كوباني الحدودية مع الجارة تركيا، وكان يذهب إلى المعارك كل يومٍ قبل مصرعه شهر أكتوبر من نفس السنة.

حملت إسلام بابنها الأول، وخشية اختلاطها بالآخرين من جنسيات مختلفة، بقيت متوارية عن الأنظار رفقة شقيق زوجها المتوفي، وقد كان محارباً أيضاً إلى جانب التنظيم الإرهابي، حيث انتمى لكتيبة تحمل اسم “كتيبة الأقصى كتيبة عمر الشيشاني”،  ليلقى حتفه أيضاً بعد أن تعرض للقصف رفقة رفاق له بالقرب من مدينة تكريت العراقية، وإذّاك تعمقت جراحها حين وجدت نفسها تغادر من قرية إلى أخرى، ومن معسكر إلى آخر رفقة نساء أخريات أغلبهن من جنسيات عربية، إلا أن بعضهن كنّ أمريكيات وفرنسيات وبريطانيات.

 

بعد ذلك طلب منها مقاتلو تنظيم داعش الزواج من صديق زوجها القتيل، فانتقلت معه إلى مدينة الرقة، لكنها لم تتحمل العيش تحت هدير المدافع فطلبت الطلاق، لتعود للعيش في كوباني مع شقيقة زوجها الأول، التي كانت تعيش بدورها رفقة نساء إيزيديات تعرفت عليهن هناك.

فرار

بعد زواجها الثاني وجدت نفسها مجبرة على الزواج لمرة ثالثة حيث عقدت قرانها على عبد الله الأفغاني، وهو شخص يحمل الجنسية الهندية، عاشت معه إسلام عاماً ونصف العام، لينجب منها ابنتها ماريا، قبل أن يُقتل بدوره في معارك طاحنة بين الجيش النظامي السوري وداعش في ريف الرقّة.

بعد مقتل زوجها الثالث، بدأت إسلام تفكر في طريقة للهرب من قبضة التنظيم المتشدد، وكانت تطلب المساعدة من المدنيين الذين كانوا يفرون من حولها الواحد تلو الآخر، لكن لا أحد منهم امتلك الجرأة لكي يقترب منها حتى، لأن عقاب محاولة تهريبها كانت القتل ذبحا، وهي العقوبة التي كان يعتمدها داعش في حق  من ساعد في تهريب نساء الجهاديين، قبل أن تتعرف إلى امرأة إيزيدية، فخططتا معاً للفرار من سوريا، لتلتحقا لاحقا بأحد معسكرا الأكراد على الحدود العراقية.

لا يروي الكتاب فقط قصصاً ذات صلة بإسلام شخصياً في مناطق الصراع، بل تعدى ذلك إلى رواياتها التي تصف الاوضاع في تلك المناطق، وكيف تُعامل النساء، وإلى أي حدّ يستشري العنف والكراهية في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، ومُحاولات الفرار التي يقوم بها عدد كبير من الناس هناك، حين يكتشفون فجأة أن الحلم الذي تصوروه بعد التحاقهم بداعش، لم يكُن إلا صورة مشوهة يغزوها الموت والحرب.

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *