الرباط: جواد مكرم 

“كان المهدي بن بركة يحلم من خلال رئاسته اللجنة التحضيرية لمؤتمر القارات الثلاث، ..بعالم آخر يوحد شعوب قارات الجنوب  … لكن سرعان ما فَطِنَتْ الدول الرأسمالية الكبرى إلى اتجاه الرجل نحو خلق توازنات عالمية جديدة انطلاقا من مؤتمر هافانا فعملت على إزاحته”.

هكذا تحدث الفيلسوف والمفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري في الجزء السادس من كتابه “مواقف سياسية”، عن الحلم الأكبر  لعريس الشهداء وزعيم القارات الثلاث، وهو حلم يبدو أنه تحقق ولو بشكل وفي سياق مغاير، وهذه المرة  من داخل مؤسسة مجلس المستشارين المغربي.

فمنذ تصفية الاستعمار، ونهاية الحرب الباردة وسقوط جدار برلين، لم يتحقق حلم شعوب قارات الجنوب في خلق إطار قاري يمثل الشعوب و يسمع صوتها من اجل  التمتع بالحقوق الكونية، حتى تأتى ذلك من خلال ميلاد المنتدى البرلماني الإفريقي الأمريكو لاتيني “أفرولاك”.

بعد مخاض طويل استغرق ما يقرب من أربع سنوات، أُعلن الجمعة بمجلس المستشارين، عن ميلاد المنتدى البرلماني الإفريقي الأمريكو لاتيني “أفرولاك”، الذي سيُشكل جسرا للربط بين القارتين الافريقية واللاتينية، وفضاء لترسيخ مؤسسات الحوار وبرامج التعاون جنوب-جنوب، والترافع المشترك الكفيل بالتخفيف من الآثار السلبية لعدم الاندماج على كافة الأصعدة.

وجرى التوقيع على تأسيس هذا المنتدى بحضور رئيس مجلس المستشارين ورئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة بأفريقيا والعالم العربي حكيم بن شماش، ورؤساء هيئات ومنظمات برلمانية بإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وأكد بن شماش، بمناسبة التوقيع على إحداث المنتدى، أن الأخير جاء ثمرة أربع سنوات من العمل المتواصل والمشاورات والنقاشات والاتصالات المكثفة مع مسؤولي مختلف الهيئات البرلمانية على امتداد القارة الافريقية وأمريكا اللاتينية والعالم العربي.

وأوضح بن شماش، أن المنتدى ليس ولن يكون بديلا عن المنظمات الدولية والقارية القائمة، بل من شأنه أن يعزز العمل والمبادرات التي يقوم بها البرلمانيون عبر العالم لمواجهة التحديات المشتركة المطروحة.

وأبرز أن الغاية من تأسيس هذا المنتدى يتجلى في خلق فضاء للحوار التفاعلي البناء وأرضية للاتقائية العمل البرلماني في أفق تيسير الاندماج الجهوي وتعزيز التعاون جنوب- جنوب، وآلية للترافع وإسماع صوت شعوب أمريكا اللاتينية وافريقيا بشأن قضايا السلم والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والعدالة المناخية والحكامة الديمقراطية العالمية وسيادة القانون وحقوق الإنسان.

وقال بن شماش، بهذا الخصوص” إننا بحاجة ماسة إلى توطيد التعاون جنوب جنوب، والعمل باستمرار من أجل بناء وتعزيز قدراتنا الجماعية على تقرير مصائرنا بأيدينا”، مُضيفا ” ها نحن ندشن محطة أخرى من مسار توطيد الشراكات والعلاقات بين شعوب افريقيا وأمريكا اللاتينية”.

في السياق ذاته، أكد رئيس مجلس المستشارين أن المنتدى يعكس الروابط والقيم والقواسم المشتركة، التي شكلت أساس العلاقات التاريخية بين بلدان وشعوب المنطقتين الافريقية والأمريكو لاتينية، والتي تبلورت بين شعوب القارتين إبان سنوات التحرر الوطني التي اجتاحت القارتين خلال القرن الماضي

وقال بن شماش، إنه بالاستناد إلى رصيد القيم المشتركة جميعا توطدت إرادة العمل المشترك لمواجهة الجيل الجديد من التحديات المرتبطة بشعوبنا، منبها إلى أنه لا يقصد فقط التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية ولا التحديات المرتبطة بالتحولات الجيو سياسية التي تحدث بمنطقتنا وحولنا ولا تحديات تدفق الهجرة غير النظامية، بل “أتحدث عن التحديات المرتبطة بطموح شعوبنا لإنجاح عدد من تجارب الانتقال الديمقراطي وتوطيد البناء الديمقراطي، والاستجابة لتطلعات شعوبنا في تحقيق التنمية المستدامة، والعمل على تصحيح الاختلالات الموجودة في النظام الاقتصادي العالمي التي تعد أحد أسباب الفجوات والصعوبات التي ما زلنا نتخبط فيها”.

يشار إلى تأسيس المنتدى البرلماني الإفريقي الأمريكو لاتيني، جاء تأسيسا على مذكرة التفاهم الموقعة بين رئيس برلمان عموم افريقيا ورئيس برلمان أمريكا اللاتينية والكاراييب ورئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة بإفريقيا والعالم العربي بجمهورية بنما بتاريخ 16 يونيو 2019.

كما جاء بناء على مضامين إعلان ريوبامبا، الموقع بين حكيم بن شماش ورئيس البرلمان الأنديني، بتاريخ 19 يونيو 2019 ، وعلى مذكرة برلمان أمريكا الوسطى المقدمة بتاريخ 18 أكتوبر 2018.

ووقع على الميثاق التأسيس للمنتدى، (خورخي بيزارو)، رئيس برلمان أمريكا اللاتينية والكاراييب، و(روجي نكودو دانغ)، رئيس برلمان عموم افريق، والحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، وحكيم بن شماش، رئيس مجلس المستشارين ورئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة بإفريقيا والعالم العربي، و( ألاسان بالا ساكاند)، رئيس الاتحاد البرلماني الافريقي. كما وقع على تأسيس المنتدى (فوينتيس سوريا ألفونسو)، رئيس برلمان أمريكا الوسطى ، و(مصطفى سيسي لو)، رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، و(رولاندو سوسا ونامبال)، رئيس برلمان دول الأنديز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *