سعيد بلفقير

عندما يضع الجندي سلاحه ويعلق بذلته العسكرية على جدار الفخر ويخفي نياشينه البرّاقة في صندوق من ذهب، يحق له آنئذ أن يتغنى بعنترياته الخوالي وله الحق في أن يحكي لأبنائه وأحفاده حكايات بطولاته وله الحق، أيضا، في أن يزيد بعض ملح الخيال عليها ولو كذبا جميلا، وله الحق أيضا أن ينسب كل أمجاد الجيوش إلى نفسه..

لكنْ هل يحق له أن يتحدث عن رفاق الخندق بصيغة العدم وبلغة التنكر!؟ هل له الحق في أن يدّعي أن رفاق المعارك الطاحنة لم يكونوا أبدا جنودا، بل بيادق تموت أولا على رقعة شطرنج لكي يعيش الكابيتانو!؟

يا بنعطية، لن نسلبك ماضيك ببضعة حروف وكثير من الغضب، فأنت ابننا ولو فاح من شغبك عقوق بأثر رجعي.

لن نلغي أفراح الماضي بسبب عطل في الذاكرة، لكنّ أسفنا كبير بحجم الشارة التي وضعناها على ذراعك عرفانا فنزعتها من قلوبنا جحودا.

كنت لاعبا كبيرا، وربما أتيح لك من التجارب ما لم يتح لغيرك من أبناء بلدك، لكنك مع الأسف لم تفقه الدرس الجزائري خلال البطولة الإفريقية الأخيرة، درس كان واضحا شرحه بلماضي وفسّره تفسيرا وأعاد الكرّة من المرات ألفا، فكرة القدم لعبة جماعية والجزائر لم تحتج رياض محرز أو بغداد أو غيرهما للفوز باللقب الإفريقي، بل احتاجت فريقا وأكثر من فريق، احتاجت عائلة وجيشا، احتاجت نكران ذات وقلبا واحدا تذوب فيه الأسماء لتكتب اسما واحدا هو الجزائر.

فريق بلماضي لم يهو السّهر ولم يملأ صدره بأحقاد الكواليس ولا بدخان “الشّيشة”.

قد تفتخر يوما بكونك جزءا من منتخب وصل إلى المونديال، لكننا نذكّرك بأنه أكبر إنجازاتك الشخصية، وهو أمر لا يعنينا كمغاربة، فقبلك عشنا أجواء المونديال أربع مرات دون أن يخرج علينا “كابيتانو” بمثل ما تفضلت به يا “كابيتانو”.

يا بنعطية، إن كنت قد علقت حذاءك معلنا اعتزالك مع المنتخب، فرجاءً علق معه لسانك أو، على الأقل، أبق فمك مغلقا، فالأفواه المغلقة لا يدخلها الذباب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *