عادل الزبيري 

بعد نهاية اليوم الأول للنسخة المعدلة والمعادة في هيكلتها والمقلصة، هذه ملحوظات عابرة، على من غادروا حكومة سعد الدين العثماني؛ لأني أعرفهم مهنيا أو عن قرب مهني وإنساني، أما من لا أعرفهم فلن أعلق عليهم، لأنني لا أعرف حقيقة ماذا فعلوا ولماذا دخلوا الحكومة.

لا يمكن المرور على خبر مغادرة مصطفى الخلفي، وزير العلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، دون الاعتراف بأن هذا الوزير ترك أثرا في العائلة الصحافية، المهنية وليس البناء العشوائي المهني، أي “الكهربائيون”.

فهنالك من يرى الخلفي سياسيا مغربيا أسهم في تراكم إيجابي في التشريع للعمل الصحافي، وهناك من رآه وزيرا عابرا في وزارتين، ولكل الفريقين حجج يرفعها من أجل نصرة زاوية نظره.

ولكنْ في تقديري، أرى الخلفي وزيرا سابقا أدى عمله كما رآه هو، ببصمته الشخصية، فكوزير للاتصال، أقام الدنيا بسبب دفاتر التحمّلات وانتقد، علانية، برامج التلفزيون المغربي وبقي وفيا لوجهة نظره السياسية، وهذا من حقه طبعا. كما قدم ندوات صحافية أسبوعية للصحافيين ببصمة خاصة.

وأظن أن لكل أسلوب عمل عند الشخصية العمومية معارضين ومرحّبين، وهذه سنة الله في أرضه بين الناس.

وأعترف بأن الوزير السابق مصطفى الخلفي أسهم إيجابا، لما كان في وزارة الاتصال، في الاعتراف القانوني، لأول مرة في تاريخ المغرب، بالصحافي المغربي المعتمد باعتباره متساوياً في الحقوق والواجبات مع الصحافي المغربي المشتغل في الصحافة المغربية.

كما لا أخفي اعتراضي على ندوة فتحت نقاشا على ما يسمى “الصحافة الإلكترونية”، وكان مقرها في المعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، ومنها بدأ “الكهربائيون” دخولهم إلى بلاط صاحبة الجلالة “بسبّاطهم”، وأعبر دائما، والمناسبة شرط، عن احترامي للصحافيين المغاربة المهنيين في مواقع إخبارية تحترم المهنة والقانون.

كما كانت لي مع مصطفى الخلفي لحظات توتر، ولو قليلة، ولكنّ الرجل، بأسلوبه، يدبر الاختلاف بروح رياضية تستحق الاحترام.

وبالتأكيد فقد راكم مصطفى الخلفي خبرة مهنية في العمل الحكومي مكّنته من التعامل بكيفية بنّاءة لاحقا، لما انتقل إلى العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني.

من المغادرين لحكومة سعد الدين العثماني، في نسختها الأولى، كتّاب دولة ما زلت أسأل، بصوت عالٍ، لماذا جرى إحضارهم إلى الحكومة!؟

وأعترف بأنني لم أتفاجأ بمغادرة بسيمة الحقاوي الحكومةَ المغربية، لأن الوزيرة أغلقت عليها مكتبها، ولا أعرف بصراحة  السبب، ولكنني أرى أن كل وزيرة وكل وزير لا يتواصل لا يمكن التعاطي الإيجابي معه.

وأرى أن وزيرة أو وزيرا يسرّع مسلسل مغادرته اعتماده مقاربة تواصلية تشتغل في اتجاه واحد، خاصة في توقيت الأزمات، وهذا لا يعني أن الوزيرة السابقة الحقاوي لم يكن لديها فريق تواصلي جيد، لأنني أعرف فريقها، ولكنّ قرار الوزيرة كان ذا انعكاس تواصلي سلبي عليها أمام الرأي العام المغربي.

وهل كان يعقل ألا يرحل وزير الصحة أنس الدكالي؟! بعد أن دبّر بطريقة تواصلية غير ناجحة أزمة “الأنفلونزا” في الشتاء الماضي، وصمت أيضا بكيفية غير مبررة في ظل استمرار أزمة دواء رخيص في الثمن ومهمّ لمرضى الغدة الدرقية.

أما وزير العدل السابق، محمد أوجار، فقد ترك بصمة إيجابية بهدوئه، المبالغ فيه أحيانا، ولكن الرجل هو الأسلوب، كان باسم المحيا دائما ودافئا إنسانيا في التواصل مع الصحافيين، لأنه كان صحافيا في وقت سابق، في يومية ورقية ذات تاريخ اسمها “الميثاق الوطني”.

تعرفت على الوزير محمد يتيم لما كان نائبا برلمانيا يحب ارتداء البدلات سوداء اللون ولا يفارقه لوح رقمي في تنقلاته، قبل أن يحمل حقيبة التشغيل ويغادرها بعد قرار شجاع، بشراكة مع ويزر الاقتصاد والمالية، أن يوقف عن العمل أحد الأسماء التي ارتبطت بفساد تسييري، كما نشرت الصحافة المغربية منذ شهور طويلة.

وتعرّف المغاربة على أمور من الحياة الخاصة للوزير السابق للتشغيل، كان آخرها صورة جرى نشرها في حسابه على موقع للتواصل الاجتماعي، وكان ردّ الوزير السابق أنّ حسابه جرت قرصتنه.

لا أعرف بصراحة ماذا ترك الوزير السابق محمد ساجد في قطاع السياحة، إلا ما قالت صحف مغربية إنها حروب مع زميلة كانت معه في الحكومة.

أظن أن العملية التواصلية الناجحة، خاصة عبر زيارات ميدانية، لما يجري الاشتغال عليه وفتح الباب لاعتماد اقتراحات مستشاري التواصل ومحاولة التقرب من الصحافيين ومد جسور من الثقة معهم؛ أمور مهمة لكل وزير يريد النجاح في حكومة العثماني، المعدلة والمقلصة والمعادةِ هيكلتُها.

وكاقتراح لكل الوزراء الجدد، على قلة عددهم، أو السابقين الجدد، على كثرتهم: عليكم بإستراتيجية تواصلية ناجعة، لا تقوم على كمّ الميكروفونات التي تزيّن منصات خطابتكم، فلا تغرنّكم الكثرة، ولكنْ اعتمدوا على نوعية وسائل الإعلام التي تسوّقكم وتقربكم من المغاربة.

ولي اليقين أن وزراء، حاليين أو سابقين، لديهم سجل إنجازات، ولكن غياب جسر تواصلي ناجع ورؤية للإعلام كخدمة مجتمعية يجعلهم بعيدين عن العين، أي بعيدين عن القلب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *