الرباط- محمد سليكي
[email protected]
يبدو أن غرق حكومة سعد الدين العثماني في أزمات تحالف حكومي لا تنتهي وسقوط عدد من وزراء الحزب الحاكم، منذ وصولهم إلى كرسي السلطة التنفيذية إلى اليوم، في فضائح متتالية، كفضيحة” التعويضات والغراميات “، ما جعل تفاعلها دون الطموح المطلوب مع دعوة الملك محمد السادس في خطاب العرش إلى إخراج الحوار الاجتماعي من ثلاجة سنوات الجمود، بما يخفض ارتفاع الضغط العالي داخل طنجرة الاحتقان الاجتماعي.
وإذا كان الأمر كذلك عند مؤسسة الحكومة وأحزاب الأغلبية، فإن الوضع يختلف بدرجات عند أحزاب المعارضة، خاصة تلك الممثلة في البرلمان، والمنضوية تحت لوائها النقابات الأكثر تمثلية، أحد أضلع مثلث الحوار الاجتماعي (الحكومة، الباطرونا، النقابات).
حزب الأصالة والمعاصرة، عميد أحزاب المعارضة، سيحقق الفرق، مقارنة بباقي أحزاب الأغلبية والمعارضة، وحتى الحكومة نفسها، المشغول وزيرها الوصي على القطاع الاجتماعي هذه الأيام بالتحضير لشهر العسل، بعدما بادر “البام”، إلى التنزيل العملي لخطاب الملك محمد السادس حول الحوار الاجتماعي، وأنتج خبراؤه أول مقترح قانون، ينظم لإحداث مؤسسة “#المجلس_الوطني_للحوار_الاجتماعي”.
في انتظار عرضه على البرلمان للمناقشة والتصديق حتى بلوغ مسطرة النشر في الجريدة الرسمية لاكتساب صفة النفاد في وجه الكافة، ما لم يرم به التغول التشريعي للحكومة، المسنودة بأغلبيتها العددية المتداعية للتصدع بمجلس النواب، في رفوف أرشيف مؤسسة البرلمان.
ينفرد موقع “le12.ma”، إذن، من خلال هذه الورقة، بنشر أهم بنود ومضامين، أول مقترح قانون، ينظم إحداث مؤسسة، “#المجلس_الوطني_للحوار_الاجتماعي “، الذي يُطرح للنقاش التشريعي والعمومي أسابيع بعد خطاب العرش، الذي دعا فيه ملك البلاد إلى مأسسة الحوار الاجتماعي، قصد بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، بما يضمن تنافسية المقاولة ويدعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة في القطاعين العام والخاص.
وتنص المادة الأولى في الباب الأول من هذا المقترح على أنه “تطبيقا لأحكام الفصل الثامن من الدستور، وبغاية مأسسة الحوار الاجتماعي، يحدث هذا القانون “المجلس الوطني للحوار الاجتماعي”، ويحدد صلاحياته وكيفيات تأليفه وتنظيمه وقواعد سيره، وكذا حالات التنافي في عضويته، ويشار إليه في هذا القانون باسم “المجلس”، مضيفا “ويتمتع المجلس بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي، ويتخذ مقرا له بمدينة الرباط”.
#صلاحيات_المجلس
وفي سياق المهام التي يُفترَض أن يؤديها المجلس، جاء في المادة 2 من مقترح القانون: “يتولى المجلس، مع مراعاة الاختصاصات الموكولة للمؤسسات والهيئات بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، تنظيم وتطوير الحوار الاجتماعي في القضايا الاجتماعية والمهنية ذات الاهتمام المشترك بين الأطراف الاجتماعية الثلاثة، في إطار يضمن ديمومة الحوار وانتظامه ويدعم علاقة التكامل بين الحقوق العمالية والتنمية الشاملة.
ولأجل ذلك يضطلع المجلس وفق المصدر نفسه، بمهام :”السهر على ديمومة وانتظام حوار اجتماعي فعال ومنتج حول القضايا ذات الاهتمام المشترك؛العمل على إرساء مناخ اجتماعي محفز يشجع على الاستثمار ويضمن شروط العمل اللائق؛ تتبع ورصد مدى احترام السياسات والبرامج العمومية لمضامين التشريعات الاجتماعية والمقتضيات الدستورية ذات الصلة؛ تنظيم حوار اجتماعي حول ما يستجد من مواضيع اجتماعية هامة ذات أبعاد وطنية أو جهوية أو قطاعية تستدعي التدخل؛ اقتراح الآليات الكفيلة بتطوير المؤسسات في إدارة العلاقات المهنية والوقاية من النزاعات الاجتماعية؛ تأطير المفاوضات الجماعية في القطاعين العام والخاص؛ إنجاز الأبحاث والدراسات في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحيات المجلس؛ إبداء الرأي بشأن المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بمعايير العمل الدولية؛ إقامة علاقات الشراكة والتعاون مع الهيئات والمنظمات الوطنية والدولية ذات الأهداف المماثلة”.
#تقارير _للملك
في الإطار نفسه ورد في المادة 3: “يبدي المجلس رأيه في مشاريع ومقترحات القوانين والبرامج التي تعرض عليه، من لدن الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان، في المجالات ذات العلاقة بمنظومة الشغل والحماية الاجتماعية والمنظومة الضريبية ذات البعد الاجتماعي، داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ توصله بها”.
ووضح المقترح أنه “يمكن للمجلس أن يطلب تمديد الأجل المحدد في الفقرة أعلاه، عند الاقتضاء، لمدة لا تتجاوز شهرا واحدا. وفي حالة عدم الإدلاء برأيه داخل الآجال المحددة أعلاه، تعدّ المشاريع أو المقترحات أو البرامج المعروضة عليه لا تثير أية ملاحظات لديه”.
وتقول المادة 4 من المقترح ذاته عن: “للمجلس الحق في الحصول على المعلومات والدراسات والوثائق التي تهم القضايا التي تندرج ضمن صلاحياته ومهامه”.
وأضاف المقترح التشريعي البامي أن المجلس يعد مرة واحدة في السنة على الأقل، تقريرا عن أعماله، فيما تنصّ المادة 5 منه على أنه: “يرفع رئيس المجلس هذا التقرير إلى جلالة الملك ويوجه نسخا منه إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين”. لا بل يضيف هذا المقترح،” ويمكن أن يكون التقرير المذكور موضوع مناقشة من قبل مجلسي البرلمان. وينشر هذا التقرير في الجريدة الرسمية”.
#تشكيل_المجلس
يتألف المجلس، وفق ما جاء في الباب الثالث منه (المادة 6) “علاوة على الرئيس، الذي يعين بظهير شريف، من 24 عضوا يراعى في تعيينهم، بواسطة مرسوم بعد اقتراح من منظماتهم وهيئاتهم التي ينتمون إليها، النزاهة والمروءة و التجربة والكفاءة.
ويشكل أعضاء المجلس، من”ثمانية (8) أعضاء ممثلين عن الحكومة؛ ثمانية (8) أعضاء ممثلين عن المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلا؛ ثمانية (8) أعضاء ممثلين عن المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا”، كما “يعين أعضاء المجلس لمدة ست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة”.
ويشترط في الأعضاء، حسب ما جاء في المادة 7، أن يكونوا متمتعين بالحقوق المدنية والسياسية، فيما تتنافي العضوية في المجلس مع العضوية في مجلسي البرلمان والعضوية في إحدى الهيئات والمؤسسات الدستورية المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170 من الباب الثاني عشر من الدستور.
وجاء في المادة 8 من القانون: “تتولى رئاسة المجلس وتسييرَه شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والتجربة والعلاقة الجيدة والفضلى مع الأطراف الاجتماعية الثلاثة”، كما يفقد كل عضو عضويته بالمجلس (المادة 9) في حالة الوفاة، أو الاستقالة، أو فقدان الصفة التي عين على أساسها في المجلس. وفي هذه الحالة يحيط الرئيس(ة) الجمعية العامة للمجلس علما بذلك، ويتم تعيين خلفٍ له خلال أجَل أقصاه ستون (60) يوما وفق الكيفية نفسها التي عُيّن بها سلفه، وذلك للفترة المتبقية من مدة عضوية هذا الأخير.
#أجهزة_المجلس
وجاء في الباب الرابع من مقترح القانون (المادة 10): “يتكون المجلس الوطني للحوار الاجتماعي من الهياكل التنظيمية التالية:” الجمعية العامة؛مكتب المجلس”حيث تتألف الجمعية العامة، حسب مضمون المادة 11 منه،”من أعضاء المجلس المشار إليهم في المادة 7″.
وتمارس الجمعية العامة، الاختصاصات التالية: “النظر وتنفيذ جميع المسائل المنصوص عليها في المادة 2 من هذا القانون؛ إبداء الرأي في جميع القضايا ومشاريع النصوص القانونية المعروضة على المجلس من الحكومة والبرلمان؛ التداول في الاقتراحات والتوصيات ذات الصلة بعمل المجلس، والتي يرفعها للحكومة والبرلمان؛ المصادقة على النظام الداخلي للمجلس؛ المصادقة على التقرير الذي يشرف على إعداده رئيس المجلس حول حصيلة أعماله السنوية؛ المصادقة على الميزانية السنوية للمجلس”.
وتؤكد المادة 12 من مقترح القانون أن للأعضاء حق المناقشة والتصويت في أشغال الجمعية العامة، التي تجتمع، بصفة قانونية، بحضور ثلثي أعضائها على الأقل، وتتخذ قراراتها بالإجماع التوافقي، وإذا تعذر ذلك يتم اتخاذ القرارات بأغلبية الأصوات، وعند التساوي يرجح صوت الرئيس.
وأضافت المادة ذاتها أنه يجوز لرئيس المجلس، بعد استشارة مكتب المجلس، أن يدعو لاجتماعات الجمعية العامة، بصفة استشارية، كل شخص أو هيئة يرى فائدة في حضورها، وذلك لإبداء الرأي في مجالات وقضايا محددة.
ويضم مكتب المجلس، علاوة على الرئيس، ستة (6) أعضاء من الجمعية العامة، يكون من بينهم ممثلان اثنان عن كل طرف اجتماعي، يتم اختيارهما من لدن الأطراف المعنية، ويتولى مكتب المجلس وفق المادة 15 القيام بمهام: ضبط جدول أعمال الجمعية العامة وبرمجة اجتماعاتها وإعداد الملفات المعروضة عليها؛ إعداد برامج عمل الجمعية العامة وتوزيع العمل على اللجان؛ إعداد مشروع النظام الداخلي للمجلس وعرضه على موافقة الجمعية العامة؛ الإشراف على إعداد التقرير السنوي للمجلس وعرضه على الجمعية العامة للمصادقة؛ الإشراف على تحرير محاضر الجلسات وحفظ وثائق المجلس”.
ويعقد مكتب المجلس اجتماعاته، حسب المادة 17، كلما دعت الحاجة إلى ذلك، بدعوة من الرئيس، ولا تكون اجتماعاته قانونية إلا بحضور أغلبية أعضائه. وتتخذ قراراته بالتوافق، وإن تعذر ذلك يتم اتخاذ القرار بأغلبية أصوات الحاضرين، وفي حال تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس. ويتقاضى أعضاء المجلس، تعويضا عن المهام يحدد بمرسوم.
#المالية_الأمانة
على مستوى التنظيم الإداري والمالي للمجلس، تقول المادة 18: “يتولى تسيير المصالح الإدارية والمالية للمجلس، تحت سلطة الرئيس(ة)، أمين عام يعين بظهير شريف من بين الأشخاص المشهود لهم بالكفاءة والتجربة في مجال التدبير الإداري والمالي وبالإلمام الجيد بالشأن الاجتماعي”.
ويقوم الأمين العام، حسب المادة 19، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتحضير وتنظيم أعمال المجلس. ويعتبر مسؤولا عن مسك وحفظ بياناته وتقاريره وملفاته ومستنداته، ويحضر اجتماعات ومداولات الجمعية العامة ومكتب المجلس دون أن يكون له الحق في التصويت، كما يسهر على تنفيذ قرارات مكتب المجلس، وتحضير مشروع ميزانية المجلس. ويمكن للأمين العام أن يحصل على تفويض من الرئيس للتوقيع على الوثائق والقرارات ذات الصبغة الإدارية، كما جاء في المادة 20.
وتحدد اختصاصات وتنظيم المصالح الإدارية للمجلس، وفق المادة 21، بموجب النظام الداخلي للمجلس، وتسجل الاعتمادات المرصودة لميزانية المجلس حسب المادة 22 في الميزانية العامة للدولة تحت فصل يحمل عنوان #المجلس_الوطني_للحوار_الاجتماعي، ورئيس المجلس هو الآمر بصرف الاعتمادات وبقبض المداخيل المخولة للمجلس، وله أن يعين آمرا مفوضا بالصرف. وتقول المادة 23 من مقترح قانون إحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي”، الذي أعدّه خبراء حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يتزعمه حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، الممثلة داخل مكوناته “الباطرونا” والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وهما قطبا رحا الحوار الاجتماعي، المتعثر على عهد حكومة العثماني.
………….