حسن العطافي

كنا صغارا حين كان العالم يستعدّ للثورة التكنولوجية وكان يحقق، عبر التلفزيون والسينما، الثورة التكنولوجية التي ننبهر بها اليوم ونقف في الصف الخلفي وراء أبنائنا، نحن الذين بدأنا دراستنا بالصلصال والصمغ؛ ولما “ارتقينا” دخلنا إلى عالم الريشة والمداد والمحبرة والمنشفة و…

كنا آنئذ نتابع مسلسلات “مهمة مستحيلة” و”الرجل الذي يساوي عشرة ملايين” و”جيمي القوية” و… ما يهمني هنا “الرجل الذي يساوي عشرة ملايير” لأنه، وبفعل الإنجازات الخرافية التي كان يحقق في سبعينيات القرن الماضي، يستحق الصفة، ولو كانت بالدولار..

“عشنا وشفنا” الآيةَ معكوسة: الفراغ يستنزف عشرات الملايير.. نعم، الكرة المغربية تستنزف الملايير ولا تحقق شيئا.. فمن نشأ على منتخب يقيم معسكرا بصعوبة بالغة وبدعم أصدقاء بلده ويسعد بالتتويج قاريا في 1976، بعد أن حضر مونديال المكسيك في 1970.. ثم يعود بعد 16 عاما ليصبح منتخب بلده أول بلد عربي إفريقي يتأهل إلى الدور الثاني للمونديال بعد تصدر مجموعته، لن يدغدغه كلام مسيّري آخر زمن المعسول ولا “غْميق” من يتوهم أنه يمتلك الحقيقة وأن من لم يبال بسفسطته قد ابتلع الطعم.

نحن نعيش مرحلة فراغ كروي حقيقي، ورغم ذلك يبتلع هذا الفراغ عشرات الملايير، يبيعوننا الوهم اليوم، لكنّ التاريخ سيتعب أبناءكم وأحفادكم لأنكم ستخلفون لهم تاريخا أسودَ باعتباركم مبدّدين تصرفون الملايير من أجل الفراغ.. تكذبون وتبدعون في الكذب..

تصرفوا كما شئتم، اصمتوا مقابل المنح، بيعوا ضمائركم، لكنّ التاريخ لن يجاملكم، باعتباركم صامتين من أجل منح الامتيازات، فنحن نردد باستمرار “الساكت عن الحق شيطان أخرس!”… 

لتعرفوا خبث عملكم، تخيلوا أحد اقاربكم يقال له “سليل الشيطان الأخرس”.

“عشنا وشفنا” أناسا يطعمون الفراغ الملايير.. ما تتبجحون به من فراغ لا يستحق أن تصرف من أجله كل تلك الملايير.. تشتغلون بلا أهداف وتبيعوننا الوهم، والواقع أننا لا نشقى لأننا نتوقع نتائجكم قبل وقوعها ونتوقع مبرراتكم و… ووعودكم الكاذبة، ويبقى الامل أن تكذّبنا الظروف ونعيش ميلاد مدرسة كروية مغربية، كما قال رئيس الجامعة في خطبته البتراء.. التي لم يطبّق منها أي شيء حتى الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *