“زواج القسوة” الذي انتهى بالدم… تحت هذا العنوان المؤلم، اهتزت مدينة تازة على وقع جريمة بشعة هزّت الرأي العام الوطني، إنها قصة إيمان، التي وجدت نفسها مُجبرة على الزواج من مغتصبها لـ”ستر الفضيحة”، في زواج تحوّل إلى جحيم من العنف.
إ. لكبيش / Le12.ma
اهتزت مدينة تازة على وقع جريمة مروّعة كانت ضحيتها الشابة إيمان، في حادثة أعادت بقوة إلى الواجهة ملفات تزويج القاصرات، والعنف ضد النساء، وضعف الحماية القانونية للناجيات.
التسلسل المأساوي.. زواج قسري ينتهي بجريمة بشعة
بدأت معاناة إيمان باكراً، حيث كانت في طفولتها ضحية اعتداء جنسي شنيع. وبدلًا من محاسبة الجاني، وجدت الضحية نفسها تحت ضغط اجتماعي وقانوني يجبرها على الزواج من مغتصبها، في محاولة لـ”ستر الفضيحة”.
هذا الزواج لم يكن سوى بداية لجحيم آخر، إذ كان مليئًا بالعنف الجسدي والمعنوي.
وعندما قررت إيمان طلب الطلاق هرباً من معاناتها المستمرة، لم يتقبل طليقها قرارها.
وفي مشهد دموي هز الرأي العام المحلي والوطني، اعترض سبيلها واحتجزها، ثم اعتدى عليها بوحشية باستخدام سلاح أبيض.
وقد نتج عن هذا الاعتداء جروح غائرة وعشرات الغرز في وجهها وثقوب في يديها، مخلفاً لها ندوبًا جسدية ونفسية عميقة.
بعد وقوع هذا الاعتداء، نُقلت الضحية على الفور إلى المستشفى لتلقي العلاج، وباشرت السلطات الأمنية والنيابة العامة تحقيقًا قضائيًا عاجلًا في ملابسات الجريمة.
غضب حقوقي وتضامن شعبي
شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع دخلت على الخط سريعًا، وأصدرت بلاغًا شديد اللهجة يدين “الفعل الإجرامي الوحشي” باعتباره “انتهاكًا صارخًا لحقوق النساء”.
وطالبت الشبكة بالتكفل الطبي والنفسي الفوري بإيمان، مع التشديد على ضرورة متابعة الجاني قضائيًا بأقصى العقوبات التي تتناسب مع خطورة جريمته.
وأكدت سعاد بنمسعود، منسقة الشبكة، أنهم يتابعون الملف بقلق، مثمنة سرعة التحقيق القضائي، ومؤكدة على ضرورة تفعيل القوانين والآليات المعتمدة لحماية النساء ومنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.
وموازاة مع ذلك، انفجرت موجة تضامن واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسوم مثل #كلنا_إيمان و #لا_للعنف_ضد_النساء، معربين عن غضبهم من “التطبيع” مع العنف الأسري ومطالبين بإنزال أقصى العقوبات على الجاني.
نقاش مُلح.. ضعف التشريع وعدم فعالية آليات الحماية
لم تكن جروح إيمان مجرد اعتداء فردي، بل كانت بمثابة شرارة أعادت فتح النقاش المجتمعي والقانوني حول فعالية الإطار التشريعي المغربي في حماية النساء.
انتقادات لآليات الحماية والقانون
وفي هذا السياق، دقّت نبيلة جلال، المحامية وعضو فيدرالية رابطة حقوق النساء، ناقوس الخطر، مشيرة إلى أن هذه الجرائم تكشف عن “بنية عنف متجذرة”.
وأوضحت أنه وعلى الرغم من أن القانون (مثل القانون 103-13) يتضمن آليات حماية كـإنذار المعتدي أو إيواء الضحية، إلا أن هذه التدابير لا تُفعل بالصرامة المطلوبة.
وأشارت إلى أنه غالبًا ما تواجه النساء شروط إثبات تعجيزية، في حين يُفترض أن تفتح النيابة العامة تحقيقًا وتوفر الحماية الاستباقية فور التصريح بالعنف.
وانتقدت جلال “ضعف تفعيل العقوبات”، مشيرة إلى أن الشكاوى غالباً ما تُحفظ أو يتم الدفع نحو الصلح، أو تصدر أحكام مخففة لا تردع المعتدين.
كما حذّرت من أن إدخال جرائم العنف ضمن خانة العقوبات البديلة قد يفتح الباب أمام إفلات الجناة من العقاب.
وختمت جلال بالتأكيد على أن العنف ضد النساء ليس مجرد “شعار ترفعه الجمعيات”، بل قضية تمس نصف المجتمع، داعية السلطات إلى التعاطي مع هذا الموضوع بالجدية اللازمة واتخاذ إجراءات عملية لحماية النساء من العنف.