في خضم توترات إقليمية غير مسبوقة، يطل الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، بتصريحات متهورة تهدف إلى حشد الرأي العام ضد ما يتوهمه “تواطؤ رسمي” مع إسرائيل، لكن بعيداً عن شربه حليب الضياع، لإشعال حماسه الظاهري في الدفاع عن القضايا العربية، كشفت كلمته عن تناقضات واضحة تعكس ازدواجية في خطابه بمنطقه المعتاد القائم على “التقلاز” من تحت الجلباب.
إ. لكبيش / Le12.ma
في خطوة مثيرة للجدل، أطلق الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، تصريحات متهورة خلال اجتماع الأمانة العامة لحزبه، محذرًا من خطر “غير مسبوق” يهدد المنطقة بأسرها.
ورغم أن خطابه بدا وكأنه يدافع عن الشعوب العربية ويهاجم ما يتوهمه ب “التواطؤ الرسمي”، إلا أنه كشف عن تناقضات واضحة، حيث جمع بين التحذير من الخارج وإثارة القلق في الداخل.
دعوة للمواجهة… وتشكيك في الحماية
تصريحات بنكيران بدأت بدعوة الأنظمة العربية إلى موقف حازم، حيث طالب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، مؤكداً أن الإدانات التقليدية لم تعد كافية.
ووصل الأمر بنكيران الذي ظهر كمن الذي شرب حليب الضياع لا حليب السباع، إلى حد القول للحكام العرب: “إذا لم تحمونا من إسرائيل، ما بقات بيعة”؟؟؟.
هذا الهذيان، يعكس محاولة بكيران، تصوير نفسه كصوت للشعوب المخذولة، المدافعة عن قضية فلسطين.
ولكن هذا الخطاب الذي يدعو إلى الوحدة والمواجهة الخارجية للكيان، سرعان ما اتخذ منحى آخر مثيراً للجدل.
ففي نفس الكلمة، شرب بنكيران، حليب الضياع في آخر العمر، حين ألمح إلى أن إسرائيل قد تقصف “حتى مقر العدالة والتنمية” في المغرب، وهو تصريح يثير تساؤلات حول نواياه.
فهل كان يهدف إلى إظهار حجم التهديد؟، أم كان يلمح إلى ضعف محتمل في قدرة الدولة المغربية على حماية مواطنيها ومؤسساتها؟.
هذا التساؤل يضع خطابه أمام أول تناقض رئيسي: كيف يمكنه أن يدعو للحماية من الخارج، في الوقت الذي يشكك فيه ضمنيًا في قدرة الداخل على تأمين نفسه؟.
شفتو تدهور نفسية هذا الشخص إلى أي مستوى نزلت إليه.
خطابان في خطاب واحد
يبدو أن بنكيران كان يطلق خطابيْن في خطاب واحد، الأول موجه إلى الرأي العام العربي، يركز على ضرورة إيقاظ الضمير العربي ورفض “التطبيع”.
أما الثاني، فكان موجهاً إلى الداخل المغربي، محملاً رسائل مبطنة تثير القلق حول السيادة والأمن القومي.
هذه الرسائل، التي تلمح إلى أن إسرائيل قادرة على اختراق الأمن المغربي، قد تُقرأ على أنها محاولة لتقويض الثقة في مؤسسات الدولة وقدراتها العسكرية والأمنية.
ففي مرحلة حساسة تتطلب خطاباً وطنياً جامعاً لتعزيز الثقة في المؤسسات، يختار بنكيران إطلاق تصريحات يمكن أن تُستغل لإثارة الشكوك.
في المحصلة، إن تصريحات بنكيران قد يفهمها الكثيرون على أنها انزلاق خطابي يخدم أجندة سياسية داخلية، كما قد يفهمها البعض، كتصريحات قد تخلق الشك في ثقة المواطنين في دولتهم وقدرتها على حمايتهم.
بين هذا وذاك، يعتقد بنكيران وقد ركب على موجة اعتداء الكيان المرفوض على قطر وباقي الدول العربية المعنية، أنه شرب حليب السباع لممارسة رياضة التقلاز من تحت الجلابة، بينما هو في الحقيقة، والحالة هاته، يكون قد شرب فقط حليب الضياع.

راه شارب حليب الضباع .