يرى المحلل السياسي الدكتور محمد شقير، أن وزارة الداخلية معنية إلى جانب الأحزاب بمراجعة مدونة الانتخابات بما يعزز الديمقراطية، ويقطع مع العديد من الإشكالات ويحد من مظاهر الريع الانتخابي وإنتاج منتخبين أميين أو مشبوهين.

كيف تقيمون واقع الترحال السياسي، حاليا، في المشهد السياسي الوطني؟

«الترحال الحزبي ظاهرة ارتبطت بالمشهد السياسي، خاصة في السنوات الأخيرة، نتيجة تنامي ظاهرة “الأعيان الحزبيين”. فقد تنافست الأحزاب على استقطاب هذا النوع من الأعضاء بهدف الحصول على أكبر عدد من المقاعد، في حين يبحث هؤلاء عن تزكيات تتيح لهم الفوز بمقعد برلماني أو برئاسة مجلس جماعي. وقد أدى هذا إلى تفشي الظاهرة، لاسيما أن هؤلاء الأعيان لا ينتمون إلى الأحزاب انطلاقا من خلفيات أيديولوجية أو سياسية، وإنما من منطلقات براغماتية، وهو ما يضعف التمثيلية السياسية ويكرس الصورة السلبية للأحزاب و”الكائنات الانتخابية”.

حوار- جواد مكرم – le12

وقد دفعت هذه الوضعية الدولة إلى سنّ إجراءات تمنع تغيير الانتماء الحزبي خلال الولاية نفسها، غير أن ذلك لم يحدّ إلا نسبيا من الظاهرة».

تعتبر العتبة من ضمن المسائل التي تحظى بنقاشات معمقة في كل محطة انتخابية، هل تتوقعون أن تتم إثارة مسألة العتبة خلال التحضير للانتخابات المقبلة؟

«موضوع العتبة يشكل بالأساس آلية من آليات التنافس الانتخابي، إذ تسعى الأحزاب الكبرى إلى الحدّ من تحركات الأحزاب الصغرى من خلال رفع مستوى العتبة، بما يعزز حظوظها خلال العملية الانتخابية. ومن ثم فمن المؤكد أن موضوع العتبة سيُطرح خلال مشاورات الأحزاب، حيث سيحاول كل حزب، وفق تطلعاته السياسية وقوته العددية، اقتراح سقف معيّن. لتبقى الكلمة الفصل لوزارة الداخلية التي ستحدد السقف وفق رؤيتها للتوازنات السياسية المقبلة».

ما هي الأهمية التي يكتسيها التقطيع الانتخابي بالنسبة إلى العملية الانتخابية؟

«التقطيع الانتخابي يشكل آلية أساسية بيد السلطة لضبط الخريطة السياسية والتحكم فيها، سواء من خلال عدد الدوائر الانتخابية أو حجمها، أو عبر تغليب الأثر السياسي لبعض الدوائر القروية على حساب الحضرية. وبالتالي فالرهان السياسي حاضر بقوة في كل عملية تقطيع انتخابي، سواء من طرف السلطة أو الأحزاب. ومع ذلك، لا يمنع هذا التقطيع من الاستناد إلى بعض المعايير الموضوعية، مثل الإحصائيات الرسمية، التحولات الديمغرافية، الكثافة السكانية والتوازن المجالي».

تثار بمناسبة كل محطة انتخابية مسألة المؤهل العلمي والأكاديمي للمترشحين للانتخابات، في ظل وجود منتخبين وبرلمانيين أميين، كيف تقيمون النقاش حول هذا الموضوع؟

«في كل الديمقراطيات العريقة يُطرح المستوى التعليمي كشرط أساسي، ليس فقط للتصويت، بل خصوصا للترشح. فممثل الأمة ينبغي أن يتوفر على مستوى يمكنه من التفاعل مع النصوص التشريعية وفهمها، باعتبارها مؤطرة للحياة العامة. لذلك يُعتبر اشتراط المؤهل الجامعي ضروريا لتجديد العمل البرلماني، إذ لا يُعقل أن تضم المؤسسة التشريعية نخبة أمية أو ذات مستوى تعليمي متدنٍّ وهي المخوّلة لمناقشة قوانين الدولة وتنظيم المجتمع. ومن ثم، يصبح لزاما، على غرار باقي المهن كالمحاماة والطب والقضاء، أن يكون المؤهل الجامعي شرطا أساسيا للترشح».

هل تتفقون مع من يطالب باستبعاد “المشبوهين” من الترشح للانتخابات؟

«من الضروري، بل ومن الأساسيات، لتخليق الحياة العامة إبعاد كل المشبوهين وذوي السوابق. وعلى الأجهزة الأمنية القيام بالتحري حول سوابق كل مرشح قبل قبول ملفه. كما يتعين على الأحزاب، قبل منح التزكية، طلب شهادة حسن السيرة وشهادة السوابق، بل وجمع معطيات حول مسار المرشح وسمعته. ذلك أن لهذا الأمر تأثيرا مباشرا على صورة الحزب وصدقيته. كما ينبغي ربط الدعم العمومي للأحزاب بسمعة مرشحيها، عبر معاقبة الأحزاب التي زكت مرشحين لهم سوابق أو ثبت تورطهم في قضايا فساد».

في خضم مطالب الحركات النسائية المغربية بتخصيص نصف المقاعد للنساء، هل برأيكم وصلت التجربة المغربية إلى مرحلة الانتقال من الثلث إلى المناصفة؟

«المسؤولية، بما فيها المسؤولية البرلمانية، يجب أن ترتبط بالكفاءة والاستحقاق، بعيدا عن التمييز على أساس الجنس أو السن. فالمطالبة بالمناصفة ينبغي أن تستند إلى معيار الكفاءة أولا، قبل النوع. ومن هنا تبرز ضرورة أن تعيد الأحزاب النظر في معايير العضوية وتحمل المسؤولية، بما يفسح المجال أمام كل الكفاءات، بما فيها الكفاءات النسائية. إذ قبل المطالبة بالمناصفة في البرلمان، لا بد من تحقيق المناصفة داخل الأحزاب، خاصة بعد أن استُعملت هذه الآلية أحيانا لتحقيق مصالح شخصية أو تعزيز الولاءات داخل القيادات الحزبية.

وعليه، فالديمقراطية الحقيقية تقوم على الكفاءة وعدم التمييز، وأي نظام للمناصفة، رغم بعض مزاياه، يظل نظاما غير ديمقراطي، ينبغي التعامل معه بحذر شديد أو تجاوزه لتفادي الاستغلال السياسي والمصلحي».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *