مؤتمر طوكيو الدولي التاسع حول تنمية إفريقيا “تيكاد 9″، لم يكن مجرد حدث دبلوماسي عادي، بل كان مسرحًا لفضيحة مدوية كشفت حقيقة الأطماع الجزائرية وأوهامها المريضة بشأن قضية الصحراء المغربية.
افتتاحية ـ محمد ابن إدريس
كشف مؤتمر طوكيو الدولي التاسع حول تنمية إفريقيا “تيكاد 9″، المنعقد بين 19 و22 غشت الجاري، عن فضيحة دبلوماسية مدوية جديدة هزّت الجزائر المهووسة بالمملكة المغربية والصحراء المغربية، وفضحت دميتها “البوليساريو” أمام العالم بأسره.
أكد المؤتمر منذ افتتاحه أن أي محاولة لتزييف الواقع الدولي أو فرض كيان وهمي ستصطدم بحائط صلب من القانون الدولي وبصرامة البروتوكولات الدبلوماسية، ما يحرم أي طرف من تحقيق مكاسب سياسية وهمية على حساب الحقائق الثابتة.
هذه الحقائق أكدت للجميع أن الجزائر، رغم مؤامراتها المتكررة، عاجزة عن فرض أي تأثير على الساحة الدولية، وأن أي كيان مصطنع معتمد على تمويل دولة خارجية فقط لإلحاق الأذى بسيادة دولة جارة، سيظل فاقدًا لأي شرعية.
انهارت محاولات حكام الجزائر اليائسة لفرض “البوليساريو” كأداة ضغط أمام صلابة الحقائق الدولية التي لا تعترف بالكيانات الوهمية، وما كان يُفترض أن يكون مناورة تكتيكية محسوبة بدقة، انقلب إلى إذلال فاضح وخسارة مدوية تُضاف إلى سجل الجزائر الحافل بالهزائم الدبلوماسية الساحقة أمام يقظة وحنكة الدبلوماسية المغربية.
هذه الفضيحة المجلجلة تكشف للعالم الانحدار الاستراتيجي المريع للجزائر، وعجزها عن قراءة معطيات السياسة الدولية بشكل موضوعي، لا وفق أوهامها وأهوائها المرضية المزمنة.
وفي المقابل، يثبت المغرب أنه اللاعب الذكي القادر على تحويل كل محاولة توتر وصراعات مفتعلة إلى انتصار دبلوماسي حقيقي لصالح قضية الصحراء المغربية، التي تشكل خطًا أحمر لا يُسمح بتجاوزه، لأنها قضية وجود، وليس مجرد مسألة حدودية.
اليابان، بصفتها الدولة المضيفة، أغلقت الأبواب تمامًا أمام الانفصاليين. فقد خصصت الدعوات فقط للدول الإفريقية ذات السيادة والمعترف بها دوليًا، مما وضع “البوليساريو” في موقع مهين بلا أي صفة رسمية، عاجزة عن إخفاء حقيقتها ككيان وهمي تهدر عليه الجزائر مليارات الدولارات منذ 1975 بلا طائل، على حساب معاناة الشعب الجزائري المقهور الذي يشاهد بأم عينه العبث بموارده النفطية والغازية.
هذه الهزيمة الجزائرية العلنية كشفت انهيار كل أوهام وفد “البوليساريو” أمام المجتمع الدولي؛ فلم يحظ أعضاء الوفد بأي استقبال رسمي، ولم يُمنحوا أي اعتماد مؤسسي، واكتفوا بالوصف العام ضمن “الاتحاد الإفريقي”، ولم تمنحهم الحيلة الوحيدة التي سمحت لهم بالتواجد أي شكل من الاعتراف الدولي.
كل هذه المشاهد الفاضحة أظهرت بؤس وعشوائية الجزائر في الترويج السياسي لأسطوانتها المشروخة على الساحة الدولية، وكشفت ضعفها الكبير وعجزها الكامل عن الدفاع عن “جمهورية الوهم في تندوف” أمام اللاعبين الدوليين الأكثر خبرة وحنكة، ممن لديهم وعي عميق بالحقائق التاريخية والسياسية لقضية الصحراء المغربية.
أكدت طوكيو منذ البداية أن مؤتمر “تيكاد 9” هو فضاء حصري للدول ذات السيادة، وليس للكيانات الوهمية. رفضت السلطات اليابانية الوثائق المزورة للانفصاليين بشكل قاطع، وصدّت محاولاتهم المعتادة باستخدام جوازات جزائرية مزيفة بالرفض الحازم.
هذا الحزم الياباني كشف الفشل الدبلوماسي الجزائري وعجزه عن فرض واقع جديد على الساحة الدولية، وأظهر للعالم أن أي كيان وهمي يعتمد على راعٍ خارجي لإضفاء الشرعية عليه سيظل عاجزًا أمام قوة المؤسسات الدولية.
كررت اليابان رفضها القاطع ثلاث مرات خلال يومين، مؤكدة أن حضور “البوليساريو” لا يمثل أي اعتراف دولي.
وخلال اجتماع كبار المسؤولين التحضيري للمؤتمر، شددت الدبلوماسية اليابانية على أن الدعوات اقتصرت على الدول التي تربطها باليابان علاقات دبلوماسية رسمية، وأن مفوضية الاتحاد الإفريقي هي التي بادرت بدعوة أعضائها.
هذا الموقف الحازم أرسل رسالة واضحة لا لبس فيها: لا مكان لكيان وهمي في قاعات القرار الدولي، ولا مجال لتزييف الواقع، مما يؤكد أحقية اليابان في التطبيق الصارم لقواعد البروتوكول الدولي بصفتها البلد المنظم للمؤتمر.
أما وزير الخارجية الياباني، إيوايا تاكيشي، فقد صدم الجزائر ومن يتبعها من المتوهمين بلغة صارمة وحازمة، مؤكدًا أن طوكيو لا تعترف بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”، ولا تقيم أي علاقة معها، وأن حضور الكيان في مؤتمر “تيكاد 9” لا يمكن تفسيره كأي شكل من الاعتراف.
في افتتاح القمة، شدد إيوايا تاكيشي على أن وجود كيان غير معترف به من قبل طوكيو لا يغير موقفها الثابت من النزاع المفتعل من طرف الجزائر.
هذه الرسالة اليابانية القوية كانت بمثابة صفعة مؤلمة مزدوجة للجزائر و”البوليساريو”، مؤكدة أن وهم الاعتراف الدولي انتهى، وأن أي كيان وهمي سيظل عاجزًا أمام إرادة المجتمع الدولي.
وتشكل هذه التأكيدات اليابانية ضربة ساحقة للانفصاليين وراعيهم الحصري الجزائر، وهي امتداد لدعم اليابان المستمر لمخطط الحكم الذاتي المغربي، الذي تصفه بـ”الأساس الواقعي لحل دائم”.
ويندرج هذا الموقف ضمن دينامية دولية واسعة، حيث تعترف القوى الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، بسيادة المغرب على كامل صحرائه، وتعتبر مخطط الحكم الذاتي الحل الواقعي الوحيد للنزاع الإقليمي المفتعل.
كما أن العديد من الدول الأوروبية، وعدد كبير من دول العالم في أوروبا الوسطى والشرقية، وأمريكا الجنوبية والوسطى، وإفريقيا، تعتبر مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية الأساس الوحيد ذي المصداقية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
هذه الحقائق تؤكد مكانة المغرب كلاعب دولي محوري، وقوة سياسته الاستراتيجية في حماية مصالحه وسيادته الوطنية على كامل صحرائه.
تحولت محاولة “البوليساريو” للتسلل ضمن وفد الاتحاد الإفريقي في “تيكاد 9” إلى سلسلة من الإذلالات البروتوكولية والدبلوماسية المتكررة، فضحت انهيار مؤامرات الجزائر التي حاولت منذ عقود توظيف الهيئات الدولية لخدمة أجنداتها الضيقة ومعاكسة الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وكل محاولة لخلق وهم الاعتراف الدولي انهارت أمام أعين العالم، كاشفة ضعف الجزائر وعجزها الدبلوماسي.
سياسات الجزائر القديمة، القائمة على الابتزاز السياسي والتعاطي مع المؤسسات الدولية بلغة الحرب الباردة البائدة، انهارت أمام قوة القانون الدولي والتنسيق واسع النطاق بين الدول الإفريقية والأجنبية داخل أروقة مؤتمر اليابان.
حققت الدبلوماسية المغربية انتصارًا مذهلًا، حيث حولت محاولة التسلل إلى فضح علني للدمية “البوليساريو” وتهميشها تمامًا أمام المجتمع الدولي، وقد أجهضت المملكة أي تأثير محتمل لمشاركة الكيان الوهمي، وحوّلت ما كان نصراً رمزياً للجزائر المهووسة بالصحراء إلى هزيمة دبلوماسية ساحقة لا تُنسى، مبرزة قدرة المغرب على حماية مصالحه العليا بثقة وحنكة.
وأثبتت قمة “تيكاد 9” قوة الدبلوماسية المغربية ونضجها الاستثنائي، إذ ركزت على الإنجازات الملموسة والنتائج الفعلية بدل المناورات الإعلامية الفارغة، مؤكدة دعم المجتمع الدولي المتزايد لخطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كحل براغماتي ونهائي للنزاع المفتعل الذي طالما كبح تنمية المنطقة المغاربية وإفريقيا، ومظهرة أن المغرب هو اللاعب المركزي القادر على صياغة الحلول الواقعية على المستوى القاري والدولي.
في النهاية، وضعت قمة اليابان الحقيقة في نصابها: العبء الحقيقي في النزاع ليس عصابة “البوليساريو”، بل الجزائر الغارقة في صراعات الأمس، العاجزة عن التكيف مع الواقع الجديد، تاركة العالم يشاهد فشل سياساتها المتكرر وهزائمها الدبلوماسية الفاضحة، فيما تتقدم الدبلوماسية المغربية بثبات نحو المزيد من الانتصارات، مثبتة أنها القوة الحقيقية القادرة على ضبط المعادلات الإقليمية والدولية وحماية مصالحها الوطنية والسيادية.
