لتدبير أزمة مياه هيكلة موروثة عن سنوات الجفاف والاستخفاف على عهد حكومتي العدالة والتنمية، انبرى نزار بركة، زعيم حزب الاستقلال من موقعه كوزير لوزارة  الماء والتجهيز، إلى الاستحواذ على تدبير ملف الماء بعدما رصدت له حكومة عزيز أخنوش، كل إمكانيات النجاح في طي معاناة المغاربة مع العطش. 

لكن ماذا وقع بعد مرور أربع سنوات من تدبير الوزير الاستقلالي، لواحد من الملفات الاستراتيجية، ذات الصلة بالحياة اليومية للمغاربة.. 

إحتجاجات هنا وهناك، وأصوات تصدح بمطلب الماء أولا كما حصل أخيرا أمام عامل إقليم سيدي قاسم، مسيرات دواوير قرى الأعالي هناك في بني ملال.. 

في التقرير التالي نرصد حصاد أربع سنوات من إستفراد الاستقلالي نزار بركة بتدبير ملف الماء.


الرباط- خاص le12.ma 

رغم الإمكانيات الضخمة التي رصدتها حكومة عزيز أخنوش لضمان حق المغاربة في الماء الصالح للشرب، يجد آلاف المواطنين أنفسهم مضطرين للخروج إلى الشارع للتعبير عن معاناتهم اليومية مع أزمة الماء. 

المفارقة الصادمة أن هذه الأزمة تتفجر في وقت تواصل وزارة التجهيز والماء، تحت إشراف الوزير الاستقلالي نزار بركة، التباهي بالأرقام والمنجزات التي تقول إنها غطت معظم التراب الوطني. 

لكن الواقع، كما تكشفه الاحتجاجات المتكررة، يضرب كل هذه التصريحات في الصفر.

من بني ملال إلى سيدي قاسم.. احتجاج ضد عطش

مدينة بني ملال وعدد من قراها  لم تسلم من الأزمة. 

لقد خرجت ساكنة دواوير أغرغر وإغرضان بجماعة فم العنصر في مسيرة احتجاجية صوب مقر الولاية، للتنديد بالحرمان من أبسط مقومات العيش الكريم: الماء الصالح للشرب والطريق المعبدة. 

المواطنون يقطعون مسافات طويلة للحصول على بضع لترات من الماء في ظروف مرهقة، فيما مشاريع التنمية التي يتم تدشينها بمناسبة الأعياد والمناسبات الرسمية لم تصل بعد إلى مساكنهم.

قبل أيام وعز صيف حار، أخبرت الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء عن اضطرابات وانقطاعات مرتقبة في أحياء واسعة من مدينة بني ملال بسبب أشغال تقوية الشبكة، وهو ما يعكس هشاشة البنية التحتية المائية حتى داخل المدن.

أما في سيدي قاسم، فقد دوّت صرخات المواطنين أمام عامل الإقليم خلال تدشين مشاريع بجماعة سيدي الكامل: “بغينا الما أسي العامل.. راه كنموتو بالعطش!”. مشاهد صادمة في إقليم يعد قلعة تقليدية لحزب الاستقلال، الحزب الذي يقود وزيره هذا القطاع الحيوي. 

احتجاجات مماثلة تتكرر في جماعات عين دفالي، زكوطة ودار العسلوجي، حيث الانقطاعات التامة وندرة المياه حولت الحياة اليومية إلى معاناة خانقة.

تناقض بين الخطاب والواقع

الوزير بركة يحرص على تقديم خطاب يزعم تعميم الولوج إلى الماء الشروب وتوسيع نطاق الاستفادة. 

لكن ما جدوى الأرقام إذا كانت صرخات العطش تعلو في وجه ممثلي الدولة، وإذا كانت مسيرات السكان المتضررين تجوب الشوارع بحثاً عن حقهم الطبيعي في الماء؟.

صحيح أن مشاريع جديدة أُطلقت مؤخراً، كحفر آبار بعمق 180 و200 متر بجماعة أولاد امبارك (إقليم بني ملال) باستعمال الطاقة الشمسية، إضافة إلى برنامج ربط 515 أسرة بشبكة الماء الصالح للشرب، إلا أن هذه التدابير تبقى محدودة في مواجهة حجم الأزمة وتوزعها على أقاليم متعددة.

عصا بركة وعيون مياه إنقاذ العطشى 

الأزمة الحالية تأتي في الأشهر الأخيرة من عمر الولاية الحكومية، حيث كان من المفروض أن تكون أزمة العطش قد طويت أو على الأقل تقلصت حدتها. 

لكن الواقع يكشف عن فشل واضح في تنزيل وتسيير الوزير الاستقلالي لهذا القطاع.

اليوم، بينما تتضاعف الاحتجاجات من بني ملال إلى سيدي قاسم، وتتعالى الأصوات داخل البرلمان محذرة من خطورة الوضع، يظل السؤال الكبير معلقاً:

بغض النظر عن حلول مشاريع تحليلة مياه البحر، هل ستنجح عصا الوزير نزار بركة في شق أعين مياه إنقاذ الساكنة العطشى قبل فوات الأوان، أم أن أزمة الماء ستظل شاهداً على فشل تدبير زعيم حزب الاستقلال أحد أهم الملفات الاستراتيجية بالمغرب؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *