شهدت الأوساط الأكاديمية جدلاً واسعًا بعد قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، القاضي بالاعتماد على دراسة الملفات الأكاديمية فقط كمعيار للقبول في سلك الماستر، فبينما يرى فيه البعض خطوة لمحاربة المحسوبية، يثير في المقابل مخاوف بشأن تقييم كفاءة الطلاب وتقليص استقلالية الجامعات.
جريدة Le12.ma
أثار قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، القاضي باعتماد دراسة الملفات الأكاديمية فقط كمعيار للقبول في سلك الماستر، جدلاً واسعًا في الأوساط الأكاديمية.
فبينما يرى البعض في هذا الإجراء خطوة إيجابية لمحاربة المحسوبية، يعتبره آخرون تقليصًا لدور الأستاذ الجامعي ومساسًا بجوهر التكوين الأكاديمي.
ويرى عدد من الخبراء في المجال التربوي أن هذا القرار يثير تساؤلات حول كيفية تقييم كفاءة الطلاب وضمان تكافؤ الفرص بينهم.
كما يؤكدون على أن هذا الإجراء قد يضعف استقلالية الجامعات في اختيار آليات القبول التي تناسبها، وينفون في الوقت ذاته أن يكون القرار يستهدف الأستاذ الجامعي.
خيار غير موفق يفتقر للمرونة
انتقد الأكاديمي والوزير السابق، خالد الصمدي، هذا القرار معتبرًا أن دفاتر الضوابط البيداغوجية كان يجب أن تمنح الجامعات خيارات متعددة للقبول، كالاكتفاء بالملف الأكاديمي، أو إضافة مقابلة شفهية، أو اختبار كتابي.
وأشار إلى أن فرض نمط واحد على جميع المسالك يضعف استقلالية الجامعات، خاصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية التي تتطلب تقييمًا للكفاءات اللغوية والتواصلية التي يمكن للمقابلة الشفوية كشفها.
كما أشار الصمدي إلى أن الاقتصار على دراسة الملفات ومنح خريجي مسالك التميز القبول المباشر في الماستر، دون تقييم مسبق لتجربتهم، لم يكن قرارًا صائبًا.
ودعا إلى مراجعة هذه السياسات بعد إجراء تقييم علمي لها بالتعاون بين الوكالة المتخصصة والجامعات، لضمان جودة التعليم ومصداقية التكوين.
من جانبه، أكد الخبير التربوي حسين الزاهيدي أن الاكتفاء بملف الطالب يعد أحد خيارات القبول المتاحة، وله إيجابيات وسلبيات.
فمن إيجابياته، أن هذا الخيار ينصف الطلاب من خلال الأخذ في الاعتبار مسارهم الأكاديمي ونقاطهم، مما يعكس جهدهم.
ومع ذلك، فإن سلبياته تكمن في أنه قد يحرم من اختبار كفاءات أخرى للطالب، مثل القدرات التواصلية والمنهجية التي يمكن تقييمها في المقابلة الشفوية.
ولفت الزاهيدي إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في ضعف أدوات التقييم بشكل عام في المغرب، سواء كانت المقابلات الشفوية التي تفتقر إلى معايير دقيقة، أو الاختبارات الكتابية التي قد تكون نتيجتها مرتبطة بالصدفة.
لذلك، أكد أن المشكل الأساسي هو غياب شروط بيداغوجية ومنهجية واضحة تضمن العدالة والإنصاف في عملية الاختيار.
ودعا إلى فتح حوار وطني يضم جميع المتخصصين لوضع أطر مرجعية دقيقة وشفافة تضمن مصداقية عملية القبول.
الأستاذ الجامعي ليس مستهدفًا
فيما يتعلق بتهميش دور الأستاذ الجامعي، أكد الزاهيدي أن فكرة أن القرار يستبعد الأستاذ لا أساس لها من الصحة.
وأوضح أن الأستاذ يظل مسؤولًا عن النقاط التي يحصل عليها الطالب، والتي تمكنه من الولوج إلى الماستر وفقًا للنظام الجديد.
وشدد على أن الأستاذ يظل عنصرًا أساسيًا ومحوريًا في هذه العملية، مما يؤكد استمرار الثقة في دوره ومكانته.
وفي السياق نفسه، شدد خالد الصمدي على أن الثقة في الأستاذ الجامعي خط أحمر، معتبرا أن تفسير قرار إلغاء الامتحانات والمقابلات بأنه وسيلة لمحاربة المحسوبية هو تعميم غير مقبول.
وأوضح أن أي سلوكيات فردية من بعض الأساتذة يجب أن يتم التعامل معها قانونيًا، وليس من خلال تغيير الضوابط البيداغوجية.
وأكد أن الأستاذ الجامعي هو الأساس في التكوين والبحث العلمي، وأن دوره لا يمكن اختزاله بسبب بعض الممارسات الفردية.
