تأويل متعسف لتصريح رئيس الحكومة خلال احترامه للدستور ومثوله أمام مجلس النواب، ذلك الذي تبناه من جديد حزب “البيجيدي”، وهو يدبج بلاغا حول اللاموضوع أسقط ورقة الأخلاق عن حزب كان إسلاموي فبهت.

 لا يليق بالحزب السياسي، مهما صغر حجمه أو تراجع وزنه الانتخابي، أن يندحر إلى هذا المستوى المتهافت من الخطاب الشعبوي. فالبيان الصادر عمّا تبقى من “البيجيدي“، والذي يتهم فيه رئيس الحكومة بتهديد رجال الأعمال، لا يكشف فقط عن قراءة مغلوطة ومتعمدة لتصريح قيل بوضوح داخل قبة البرلمان.
لا بل، يفضح أيضًا حالة العجز التي يعيشها الحزب، وعدم قدرته على ممارسة معارضة مسؤولة مبنية على خطاب سياسي رصين ومتماسك.
لقد اختار الحزب، بدل ذلك، اجترار ما يُروّج في مواقع التواصل الاجتماعي والركوب على موجاته، في مشهد يؤكد أنه لم يعد يميّز بين لغة السياسة وأسلوب المزايدات الافتراضية.
من الجلي والواضح أن ما قاله رئيس الحكومة لا يحمل أي تهديد، بل جاء في سياق توضيحي صادق وواقعي. فما عبّر عنه في البرلمان بشأن علاقته بثلثي رجال الأعمال في المغرب، وقوله “ما غايخدم حتى واحد”، لا يمكن قراءته إلا في سياقه السليم.
الرجل أوضح، بشكل صريح، أنه إذا استجاب لكل الأصوات التي تطالب بتوقيف المشاريع لمجرد أن أصحابها يعرفهم، فلن يُنجز شيء، ولن يستثمر أحد، ببساطة لأنه يعرف الغالبية العظمى منهم.
فعبارة “ما غايخدم حتى واحد” لم تكن تهديدًا كما يحاول تصويرها هؤلاء، بل توصيفًا دقيقًا لما قد يحدث لو ساد منطق الشك والتشكيك في كل مبادرة استثمارية. ويكفي أن يُنصت المرء للخطاب بموضوعية و”قلة نية”، ليدرك أن المقصود هو التحذير من مناخ عدائي تجاه المستثمرين، لا تبني منطق التهديد أو الترهيب، كما حاول البعض الإيهام بذلك.
انتقاد السياسات الحكومية حق مشروع، بل ضرورة قد تسهم في تجويد الأداء العمومي، لكن حين يتحول النقد إلى تحريف متعمد للوقائع، واستهلاك مفرط لخطاب “التيكتوك”، فإننا لا نكون أمام معارضة مسؤولة، بل أمام خطاب انتخابي فاقد للبوصلة، تغذّيه نزعة انتقامية أكثر مما تحركه المصلحة الوطنية.
فحتى في لحظات الخلاف، تقتضي المسؤولية أن يُضبط الخطاب السياسي بأخلاقيات الممارسة الديمقراطية، لا أن يُستباح كل شيء في سبيل كسب نقاط وهمية في معركة باتت خاسرة، أخلاقيًا وسياسيًا.
*منير الأمني/ كاتب سياسي

marche verte 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *