في  الأسبوع الأخير من شهر يونيو، والشمس تلفح الوجوه في نواحي بني ملال، فوجئ المارة بشخص يتسلق سلم الخزان المائي بجماعة أولاد يوسف بنواحي بني ملال. 

*حكيم بلمداحي 
 
تابع العديد من المغاربة،سواء بشكل مباشر من عين المكان، أو عبر فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، شخصا فوق خزان الماء بجماعة أولاد يوسف نواحي بني ملال، وهو يعتدي على عنصر من الوقاية المدنية بواسطة أداة حديدية… وتطور الأمر إلى غاية قيام الشخص المذكور بإلقاء عنصر الوقاية المدنية من فوق الخزان، مما تسبب له في أضرار جسدية.. 

حدثت الواقعة بعد ظهر يوم الجمعة الماضي 11 يوليوز ، بعدما صعد عنصر من الوقاية المدنية سلم الخزان الذي يعتصم فوقه الشخص المذكور، وما إن وصل عنصر الوقاية المدنية سطح الخزان حتى انهال عليه المعني بالضرب بواسطة قضيب حديدي بشكل عنيف ومقزز. قبل أن يلقي به من فوق الخزان.

وذكرت مصادر من عين المكان أن تدخل الوقاية المدنية جاء بطلب من الشخص المعتصم فوق سطح الخزان المائي، حيث طلب المساعدة بدعوى أنه أحس بوعكة صحية  ويرغب في المساعدة ليفك اعتصامه وينزل من فوق الخزان.

حكاية اعتصام دام حوالي ثلاثة أسابيع

 في  الأسبوع الأخير من شهر يونيو، والشمس تلفح الوجوه في نواحي بني ملال، فوجئ المارة بشخص يتسلق سلم الخزان المائي بجماعة أولاد يوسف بنواحي بني ملال. 
يتعلق الأمر برجل في الخامسة والأربعين من عمره يدعى بوعبيد، قرر الاعتصام فوق الخزان المائي ليرفع مطلبين أساسيين الأول يتعلق بفتح تحقيق في وفاة والده، التي يقول إنها غير طبيعية، والمطلب الثاني أن لا يتعرض للاعتقال إذا نزل من معتصمه. 

انتشرت حكاية الاعتصام، وحكاية المطالب. واكتشف الجمهور الذي تحلق حول الخزان أن الرجل يتحدث عن حكاية والده الذي توفي قبل ست سنوات، ويقول إن وفاته كانت غير طبيعية، بل قد يكون تعرض للقتل. 

شك المعني بالأمر في احتمال تعرض والده للقتل ينبع من كون الوالد كان في صحة جيدة يمارس الرياضة يوميا وبنيته قوية، وقد كان جنديا قبل إحالته على التقاعد..

حين وفاة والد بوعبيد لم يكن هذا الأخير معه، حيث كان الوالد قد طرد كل أسرته بمن فيهم بوعبيد، وتزوج من امرأة أخرى. وقد عاش بوعبيد والدته وأخواته أوضاعا اجتماعية صعبة بعد ذلك. ولسنوات لم تعد تربط بوعبيد أي علاقة بوالده، إلى أن جاءه خبر الوفاة.

وعن وفاة والد بوعبيد تضاربت الأخبار بن أفراد الأسرة نفسها، بين من يقول إنه توفي بمنزله، من يقول إنه توفي خارج المنزل. وقد تم دفن جثة الوالد حينها بعد معاينة طبية والحصول على شهادتي الوفاة والدفن. إلا أن بوعبيد لم يقبل أن تمر العملية دون تحقيق، فتقدم بطلب فتح تحقيق وإجراء تشريح طبي على الجثة، غير أن النيابة العامة حفظت الشكاية بتعليل عدم وجود ما يستدعي أمر التحقيق.

ظل بوعبيد يكرر حكاية قتل والده، وقد يكون للأمر علاقة بالإرث، حيث خلف الهالك بيتا متواضعا ببعض الأثاث البسيطة… وضعية بوعبيد النفسية جررت عليه بعض المشاكل حيث سوف يتعرض للاعتقال أكثر من مرة وسيقضي فترات سجن متعددة منها ما تعلق بتهم السب والشتم أو اقتحام منزل وغيرها. 

وظل بوعبيد على هذه الحال إلى أن قرر صعود سطح الخزان والاعتصام فوقه..

قصة 17 يوما فوق سطح خزان

مع مرور أيام اعتصام بوعبيد فوق سطح الخزان المائي للجماعة، أصبح يحس أنه بطل يؤدي دورا كبيرا. 

فتحلق الناس من حوله وبعض التعليقات، والكثير من التعاطف، شجع بوعبيد على المضي في مخططه، الذي بدو أنه فكر فيه بشكل مدروس.. السلطات المحلية سوف تحاول التواصل مع بوعبيد وثنيه عما يقوم به وحثه على النزول من الخزان، غير أن كل مجهوداتها باءت بالفشل.. 

هنا طلبت مصالح الداخلية الوساطة من اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بني ملال خنيفرة.. حدث ذلك بعد مرور أسبوع على الاعتصام.. وقد باشر أعضاء من اللجنة الحوار مع المعتصم، وقدم لهم مطالبه، وعبرت كل المصالح عن الاستجابة لها خصوصا فتح تحقيق في وفاة والده وعدم تعريضه للاعتقال إذا نزل من فوق الخزان.  

ظن الجميع أن العملية انتهت وأن المعني بالأمر سوف ينزل ويفك اعتصامه، لكنه انقلب بشكل مريب وغير مفهوم ، وبدأ يرشق السلطات بالحجارة وبمتلاشيات حديدية، وتحولت مطالبه إلى فورية حيث بدأ يقول بأنه لن يفك اعصامه إلا إذا رأى السلطات تخرج جثة والده من قبره، وكان الخزان الذي يعتصم فوقه يطل على المقبرة التي يوجد بها قبر والده..

توتر الموقف وأصبح الأمر يشي بأن الأساليب المتبعة مع المعني غير مجدية. وفي يوم الجمعة الأخير أخبر بوعبيد السلطات والمصالح التي تتابع اعتصامه بأنه مصاب بوعكة صحية وأنه يطلب المساعدة. 

هنا تكفل عنصران من الوقاية المدنية بالصعود إليه، وما إن وصل أولهما سطح الخزان حتى انهال عليه بالضرب بواسطة قضيب حديدي كان معه، وبعد فترة ألقى به من فوق الخزان.. 

في المساء قررت مصالح الدرك الملكي التدخل بالقوة وإرغام المعني على الاستسلام، فبدأ يرميهم بالحجارة ومتلاشيات حديدية، ثم ألقى بنفسه من فوق سطح الخزان بعدما وضع حبلا حول عنقه. 

وقد تمكنت المصالح الأمنية والوقاية المدنية من فك الحبل عنه وحمله على وجه السرعة إلى المستشفى…

*كاتب/صحفي

marche verte 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *