بلع “المصباح” للسانه الطويل أثار موجة من الاستغراب، لكن بعد فترة ليست بالقصيرة جادت قريحته ببيان ليس متأخرا في الزمن فقط، بل أقل وضوحاً وقوة من مواقف باقي الأحزاب الوطنية وفي مقدمتها الأحرار.
جريدة -le12
عاشت السمارة الجمعة الماضي، على وقع اعتداء إرهابي خطير، تبنته جبهة البوليساريو. الهجوم الذي استهدفت من خلاله الميليشيات الانفصالية عبر المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني، حي “الوحدة” في المدينة بمقذوفات من صنع إيراني، وإن كان لم يسفر عن خسائر في الأرواح والممتلكات، فإنه خلّف موجة من الاستنكار في الأوساط المدنية والسياسية والحقوقية ببلادنا.
وفي سياق ردود الفعل المنددة بهذا الاستهداف السافر للسيادة الوطنية، كان حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة، أول المبادرين من القوى السياسية للتنديد بهذا الاعتداء بأشد العبارات.
إذ أورد في بلاغ أنه “عمل جبان وإرهابي يستهدف المدنيين”، مشددا على ضرورة التصدي بحزم لكل محاولات المساس بأمن وسلامة الوطن.
الموقف القوي والحاسم الذي عبر عنه حزب التجمع، يترجم وعيه بطبيعة مسؤولياته كحزب وطني يقود الحكومة، والتزامه بالدفاع عن ثوابت السيادة الوطنية دون هوادة، في المكان والزمان المناسبين.
في المقابل، نجد أن موقف حزب مثل العدالة والتنمية، الذي تولى قيادة الحكومة خلال ولايتين متتابعتين، كان مختلفاً تماماً.
فالحزب الذي يمطرنا بالبلاغات المدبجة في كل مناسبة، ارتأى هذه المرة أن يؤخر إصدار أي بيان رسمي يدين الهجوم أو يعبر عن التضامن مع سكان السمارة المستهدفين، رغم مرور ساعات طويلة على الحادث، وتداول معطيات تؤكد تورط أسلحة إيرانية في الاعتداء.
بلع “المصباح” للسانه الطويل أثار موجة من الاستغراب، لكن بعد فترة ليست بالقصيرة جادت قريحته ببيان ليس متأخرا في الزمن فقط، بل أقل وضوحاً وقوة من مواقف باقي الأحزاب الوطنية وفي مقدمتها الأحرار.
ولأن ظهور السبب مُبطل للعجب كما يقال، فإن تأخر حزب بنكيران عن التفاعل مع هذا الاعتداء الآثم في الشرعة الدولة، يطرح تساؤلات حول الأولويات السياسية لهذا الحزب، ومدى استعداده للانخراط في مواجهة التحديات الأمنية المحدقة ببلادنا، لا سيما في ظل العلاقات المعقدة التي تجمع قيادات منه بجهات إقليمية معروفة بدعمها لجماعات مناوئة للوحدة التراب للمملكة.
تلكؤ “البيجيدي” في التعبير عن موقف صريح من حدث بهذا الحجم، يفسره بعض المراقبين بأنه ناجم عن توازنات داخلية للحزب بين من يرغب في الانخراط بقوة في قضايا السيادة الوطنية، ومن يتردد خوفاً من الإضرار بعلاقات أو مواقف إيديولوجية قد تؤثر على مصالحه أو صورته السياسية.
وهنا يظهر مرة أخرى موقف “الأحرار” السريع والواضح، كدليل على نهج سياسي يضع المصلحة الوطنية على رأس الأولويات، مرسخا بذلك موقع الحزب كقوة سياسية حكومية مسؤولة غايتها الحفاظ على وحدة ابلادنا واستقرارها في مواجهة كل التحديات والدسائس.
ومن خلاصات التباين المسجل في ردة الفعل حيال حادث بهذا الحجم بين حزبي “الحمامة” والمصباح”، أن الوحدة الوطنية في مواجهة التهديدات الخارجية هي رأس الأولويات، وأن الضرورة تملي الترفع عن الحسابات السياسوية الضيقة من أجل مصلحة الوطن والمواطنين واستقرارهما ورقيهما وتقدمهما.