أحياناً، يُقال: “سربي قبل ما يجي مولها.” وكأن الغاية ليست تطبيق القانون، بل ضمان عدم فُقدان “الغنيمة”. السيارة لا تُسحب، بل تجرجر …
*رشيد الوالي
في بلدٍ يتغنّى اليوم بالتقدم، بالحقوق، وبالعدالة الاجتماعية، هناك مشهد يومي صغير… لكنه مؤلم، يمرّ أمام أعيننا فلا نحرك ساكناً.
سيارة تقف في مكان غير مسموح، نعم… مخالفة، نعم… ربما أَخَذَت حقاً ليس لها.
لكن، هل هذا يعطي الحق في معاقبتها… بهذه القسوة؟.
عن تجربة، رأيت ما لا يُرى.
سيارات تُسحب بعنف كما لو أنها خردة…
مقطورات متهالكة، صدئة، لا تخضع لأبسط معايير السلامة…
رجال يتصرفون بعجلة، بغلظة، وكأن الوقت هو عدونا الأول، لا المواطن.
أحياناً، يُقال: “سربي قبل ما يجي مولها.”
وكأن الغاية ليست تطبيق القانون، بل ضمان عدم فُقدان “الغنيمة”.
السيارة لا تُسحب، بل تجرجر…
تُرمى في المحجز بلا رحمة، كأنها دابة هجينة، لا قيمة لها…
تتضرر، تُكسر مراياها، يُخدش هيكلها…
وحين يعود صاحبها، يجد نفسه يدفع ثمن “الخدمة السيئة” التي لم يطلبها أصلاً.
السؤال هنا ليس إن كانت المخالفة صحيحة أم لا.
المواطن يُخطئ، ويجب أن يتحمل مسؤوليته، نعم.
لكن هل العقوبة يجب أن تتجاوز القانون، لتصل إلى الإهانة… لسيارته، لممتلكاته، وربما لكرامته؟.
وهذا ينطبق أيضا على الدراجات النارية وطريقة رفعها .(مسكين مولاها كيبقا غير كيشوف ).
عن تجربة، أقول:
السيارة في حياة المواطن المغربي ليست كماليات.
هي باب رزق، وسيلة نقل ابن للمدرسة، ممر نحو الطبيب في ساعة متأخرة…
هي أمان وحرية وكرامة.
في دول مثل هولندا أو اليابان، تجد الشاحنة التي تسحب السيارة نظيفة، حديثة، مزوّدة بأجهزة رفع تضمن ألا تُصاب المركبة بأي خدش.
يُوثق كل شيء بالصورة والفيديو، والهدف واضح: احترام القانون، نعم، لكن أيضاً احترام المواطن.
فلماذا لا يكون عندنا دفتر تحمّلات صارم؟
لماذا لا نُجبر الشركات التي تُدير هذه العمليات على تحديث أسطولها، على تدريب رجالها، على حفظ كرامة المواطن وإن أخطأ؟
لماذا نُغلق أعيننا عن هذه التجاوزات اليومية ونقول: “هو اللي غلط، يستاهل”؟
السيارة التي تُعاقب، لا يجب أن تُهان.
فربما من يقودها… هو أنت. أو أنا. أو شخص نحبه.
فلنُطالب جميعاً بتغيير هذا الواقع.
لا باسم الرفاهية… بل باسم الكرامة.
شاركوني تجاربكم حتى يتأكد المسؤولون أنها مشكلة ويجب التعجيل بحلها .
*فنان مغربي