قال وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم الأربعاء بالرباط، إن المغرب لا يخشى مقاربة الملفات الاجتماعية الشائكة، والدليل هو مراجعة مدونة الأسرة، الذي اعتبره اختيارا سياسيا شجاعا للمغرب، بقيادة الملك محمد السادس.
وأضاف وهبي، خلال مشاركته في الندوة الدولية حول “نظام الكد والسعاية: مقاربات قانونية وتاريخية وتجارب مقارنة من العالم العربي”، أن مراجعة مدونة الأسرة يجسد الإرادة العليا “لجعل الإنصاف والعدالة أساساً لكل علاقة داخل الأسرة المغربية”، معتبرا أن “الجرأة السياسية في مقاربة الموضوع تنسجم مع الثوابت الإسلامية ولا تتعارض معها”.
وأوضح الوزير أن المغرب لا يخشى الاقتراب من الملفات الاجتماعية الشائكة، ولا يتردد في مساءلة نفسه تشريعياً وقانونياً كلما تعلق الأمر بإنصاف المواطنين والمواطنات، وفق رؤية إصلاحية تحترم ثوابت المملكة، وتنفتح في الوقت ذاته على اجتهادات العصر وقيم العدالة الكونية”.
وفي سياق تطرقه لموضوع الكد والسعاية، أكد الوزير أنه”ليس مطلباً طارئاً، بل هو امتداد لنقاش فكري واجتماعي ممتد، دافع عنه فقهاء وقضاة ومفكرون وحقوقيون مغاربة منذ عقود طويلة، واعتمدته بعض المحاكم المغربية في اجتهاداتها اعتماداً على العرف والمذهب المالكي وأصول الاجتهاد الذي يزاوج بين النص والواقع، وبين الثابت والمتغير”.
واسترسل قائلا “حان الوقت اليوم لننتقل من مساحة الاجتهاد القضائي المحدود إلى الإقرار التشريعي الصريح بمساهمة المرأة في تنمية الثروة الأسرية، سواء داخل البيت أو خارجه، باعتبار ذلك جزءاً من مكونات العدالة الاجتماعية داخل الأسرة”.
و أشار وهبي، في هذا الصدد، إلى أنه لابد من الاعتراف بالدور الاقتصادي للمرأة المغربية التي تتحمل أعباء تربية الأبناء بالموازاة مع تدبير شؤون الأسرة والمساهمة في اقتصاد البيت، مشددا على أن دورها لا يقل عن أي عمل آخر مأجور خارج المنزل.
واعتبر أن هذا الموقف نابع من صلب مقاصد الشريعة في “تحقيق العدل والإنصاف والمعاشرة بالمعروف، كما تنسجم مع المرجعية الحقوقية الدولية التي التزمت بها المملكة المغربية طواعية في مسارها الحقوقي الحديث”.
يشار إلى أن جلالة الملك محمد السادس، دعا بمناسبة خطاب عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2022، إلى مراجعة بعض مقتضيات مدونة الأسرة بهدف تجاوز الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها الممارسة.
على ضوء ذلك،جرى إحداث “الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة” تحت إشراف وزير العدل، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، والأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مع اعتماد المقاربة التشاركية المرتكزة على الإنصات والاستماع لكل الفاعلين والممثلين لمختلف المؤسسات وشرائح المجتمع.
و بتاريخ 30 مارس 2023 سلَّمت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة التقرير النهائي لرئيس الحكومة الذي يتضمن المقترحات والتوصيات التي وقفت عليها، وذلك بغرض رفعها لنظر جلالة الملك محمد السادس.
و في 23 دجنبر 2024 عقد جلالة الملك بالقصر الملكي بالدار البيضاء جلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة، حضرها كل من رئيس الحكومة ووزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، جرى خلالها تقديم الاقتراحات والرأي الشرعي فيها. وتنكب الحكومة ، حاليا، على بلورة الاقتراحات وتجسيدها في مبادرة تشريعية.
