توالي خسائر قيادة حزب العدالة (الاسلاموي)، في معترك المعارضة نفسها قبل معترك الاغلبية، جعلها تخبط خبط عشواء.

ولعل فيما قاله عبد الله بوانو الطبيب البيطري الذي أبعدته حلاوة سلطة السياسة عن علاج  الحيوان، بشأن حرمان المغاربة من خروف العيد، لخير مثال.

جمال بورفيسي

في محاولة يائسة لإرباك الحكومة وإثارة الرأي العام، أشهر حزب العدالة والتنمية ورقة جديدة منتهية الصلاحية: “حرمان المغاربة من أضحية العيد”.

خطوة تكشف فقرًا سياسيًا مدقعًا داخل صفوف معارضة “البيجيدي”، بعد فشلها في تقديم ملتمس الرقابة واستنفادها لكل الأوراق “المحروقة”.

ففي الوقت الذي جاء فيه قرار تعليق ذبح الأضاحي هذه السنة بتعليمات ملكية سامية، وبناءً على معطيات رقمية دقيقة تشير إلى تراجع مقلق في القطيع الوطني نتيجة سبع سنوات متتالية من الجفاف، اختار قادة “البيجيدي” توجيه سهامهم نحو الحكومة.

وفي هذا السياق، زعم عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للحزب، أن الحكومة “هي المسؤولة الأولى عن حرمان المغاربة من أضحية العيد”. وأضاف، خلال الاجتماع الأسبوعي للمجموعة المنعقد يوم الإثنين 2 يونيو 2025، أن الحكومة خصصت 61 مليار درهم لقطاع الفلاحة دون أن ينعكس ذلك، حسب قوله، على وضعية القطيع.

غير أن هذا التصريح يفتقر إلى الحد الأدنى من المصداقية، لأنه يتجاهل السبب الحقيقي لتراجع القطيع الوطني، والمتمثل في الجفاف البنيوي، الذي لم يترك مجالًا لمفعول السياسات العمومية مهما كانت فعاليتها. 

لكن بوانو، كعادته، فضّل تسويق خطاب شعبوي قائم على “الكذب السياسي” بدل مصارحة المواطنين بالحقائق.

ولم يتوقف بوانو عند هذا الحد، بل ذهب إلى تقديم حسابات ساذجة، مدعيًا أنه لو تم توزيع ذلك الدعم المالي على الأسر المغربية، لحصلت كل أسرة على أضحية بقيمة 3000 درهم. 

إنها حسابات عبثية لا تصمد أمام منطق الواقع، ولا تعكس سوى نوايا التضليل والاستهتار بعقول المواطنين.

تغافل بوانو عن حقيقة أن الحكومة خصصت مجهودًا ماليًا استثنائيًا لتخفيف تداعيات الجفاف، ليس فقط على الثروة الحيوانية، بل على القطاع الفلاحي برمّته، في محاولة للحفاظ على القطيع وإعادة بنائه في السنوات المقبلة. وهو ما يُعتبر تجسيدًا فعليًا للمسؤولية الحكومية، عوض الارتجال والمزايدة.

كما تجاهل بوانو تمامًا المجهود الحكومي في دعم قطاعات اجتماعية حيوية كالصحة والتعليم، في إطار حوار اجتماعي جاد وفعال، عكس ما عاشته البلاد في عهد حكومتي “البيجيدي” السابقتين، اللتين دفنتا الحوار الاجتماعي لعقد من الزمن.

تزامنت تصريحات بوانو مع اجتماع رئاسة الأغلبية الحكومية، التي نوهت بالتفاعل السريع للحكومة مع التوجيهات الملكية الرامية إلى إعادة تشكيل القطيع الوطني، عبر برنامج شامل يستهدف دعم مربي الماشية ويشمل خمسة محاور: إعادة جدولة الديون، دعم الأعلاف، ترقيم إناث الماشية، حملات علاجية وقائية، وتأطير تقني.

كما نوهت الأغلبية بالنتائج الإيجابية التي حققتها الحكومة في تنزيل ورش الدولة الاجتماعية، وبنائها أسس اقتصاد قوي منتج للثروة وموفر لفرص الشغل، قادر على مواجهة المتغيرات الداخلية والخارجية.

إن المعارضة المسؤولة تفترض حدًا أدنى من المصداقية، والنزاهة في مخاطبة الرأي العام، لا اللجوء إلى خطاب التضليل والاستغلال السياسي للأزمات.

فحسب الأرقام الرسمية، أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، في فبراير الماضي، أن القطيع الوطني تراجع بنسبة 38% نتيجة الجفاف المتواصل. ومع ذلك، ساهمت الإجراءات الحكومية في حماية ما تبقى من القطيع، بفضل دعم استيراد الأغنام، وتوفير الأعلاف، والسياسات الموجهة لمربي المواشي.

لقد كان بالإمكان أن ينهار القطيع الوطني لولا هذه التدخلات الحكومية، وهو ما لم تجرؤ معارضة “البيجيدي” على الاعتراف به، لأنها اختارت الاصطياد في الماء العكر بدل تقديم بدائل واقعية ومسؤولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. سلام
    حرمان المغاربة من اضحية العيد ليس مسوولية الحكومة هي عامل الجفاف و كورونا ، كان علينا الغاء شعبة العيد في زمان كورونا و سنوات الجفاف من محض ارادتنا لو كنا نعلم.
    هناك خطر اخر هو ندرة المياه حاليا و مستقبلا يجب علينا الحفاض عليه……